التجربة في حياة الأمم

فقره1
فقره1

1من اصل2

رأينا في الفصل السابق كيف أن المنطق العقلي في أكثر المواضيع – ما عدا المسائل العلمية- لا يأتي إلا بملاحظات مبهمة تلجئ الناس إلى اختيار الطرفين: إما السير حسب رأيالأكثرية، وإما السير حسب رأي فرد نصب ملكا، ولكن لما كان الإذعان لرأي لا يكفيلتحويل هذا الرأي إلى حقيقة، فكيف نكتشف قيمة الرأي الصحيحة؟لا يظهر لنا ذلك إلا بالتجربة، تلك الطريقة البطيئة الغالية التي لا تطبق والحالةهذه على جميع المواضيع، فهي إزاء المعتقدات الراسخة عاجزة عجز العقل، وأما في آراء

الجموع كبعض الآراء السياسية مثلا فإنها لا تلبث أن تؤثر إذا كانت بارزة مكررة.إن حياة الأمم أكبر دليل على ضرورة التجارب المكررة البارزة، فيجب أحيانا تخريبمدن كثيرة وإراقة دماء غزيرة كي تفقه أمة بضع حقائق تجريبية، وفي الغالب لا تستمرستفادة الأمم من التجارب زمنا طويلا؛ لأن ضعف ذاكرة المشاعر يؤدي إلى عدم انتفاعجيل لاحق بتجارب جيل سابق، فلقد شاهدت جميع الأمم منذ بدء العالم أن الحكمالمطلق يعقب الفوضى، ومع ذلك فإنها لم تستفد من هذا الدرس الأبدي، وقد أثبتتالحوادث المكررة أن الاضطهاد هو أحسن وسيلة لانتشار معتقد ديني، ومع ذلك نرىالمظالم تقع بدون انقطاع، وقد علمت التجربة أن الإذعان إزاء وعيد الغوغاء يبطل عملالحكومات،

m2pack.biz