التخطيط القومي الشامل 3 من 4

يرتبط بالآخر ولا يمكن فصله عضويًا عنه، فالتخطيط الاقتصادي لا يمكن أن يتم بمعزل عن التخطيط الاجتماعي،
وكلاهما يرتبط أيضًا بالتخطيط الطبيعي (العمراني) وهكذا… وهنا تتضح ضرورة أخذ الدول بمفهوم التخطيط
القومي الشامل، الذي هو الإطار الجامع للمخططات القطاعية الكلية في تكامل وتناغم، مستهدفًا المدى البعيد ليغطي
فترة زمنية تبدأ من نصف قرن وقد تمتد إلى قرن بكامله… ولابد في هذا الإطار من الاشارة إلى المخططات بعيدة
الأمم يتم تقسيمها مرحليًا لمخططات متوسطة المدى (من 20 إلى 25 عامًا) التي تفصل بدورها لمخططات قصيرة
الأمد (في حدود خمس سنوات) ثم إلى خطط عمل لمهام بعينها… على أن يتناسب مستوى التفصيل مع قصر مدى
أمد المخطط حتى تعاد الصياغة التفصيلية في ضوء معطيات التجربة والتغير الذي يستجد على الظروف المحيطة
بها…
وإذا كان التخطيط الشامل لابد أن يتميز بالديناميكية لاعتبارات متعلقة بمقتضيات المخططات الأدنى أو القطاعية
المنبثقة عنه، وللتوافق مع المستجدات التي تتضح عند التطبيق والتنفيذ، فالتخطيط الشامل هو أيضًا عملية مستمرة لا
تتوقف عن التحديث والتطوير ومد الأجل، فمن العبث انتظار انقضاء الأجل المستهدف للشروع في إعداد الذي
المخطط الذي يليه… إنما لابد دومًا للدولة من خطط تتعامل مع أفق مستقبلها بعيد الأمد كبوصلة تشير إلى الأهداف
التي تتطلع إليها في مختلف المناحي والمجالات، وهو ما ينطبق بالتبعية على ما دونه من مخططات وخطط قطاعية،
كل في مستواه ومجاله ووفق أمده الزمني…
التخطيط القومي الشامل هو إذن عملية شديدة التعقيد يتضاعف تعقدها مع الزمن وما يحمله في جعبته من تداخل
وتشابك وتفرع في العلوم والمدارك والمجالات…