التشكيلية المغربية كنزة لحلو من التشخيص إلى التجريد
الرباط ‘القدس العربي’: حازت الفنانة التشكيلية المغربية كنزة لحلو على الميدالية البرونزية للأكاديمية الفرنسية للفنون والعلوم والآداب برسم عام 2013. وتسلمت جائزتها مؤخرا في باريس بجانب عدد من الشخصيات الثقافية والفنية والعلمية المغربية التي جرى تكريمها من طرف المجلس الأعلى للاستحقاقات التابع للأكاديمية المذكورة.
تقترح الفنانة كنزة لحلو عالما ذا تجريد بحت، ومرتبطا برؤيتها للأشياء والكائنات. ويستند مسلكها التقني إلى التناقضات وعفوية التعامل مع الألوان وقيم الشفافية والعمق. مما يجعل المتلقي أمام سينوغرافيا بصرية في مسار تشكيلي يرتكز على حرية الحركة وينأى عن أي تعامل منظم ومفكر فيه مع العوالم المحيطة.
حساسيات ارتجاجية
ارتبطت لحلو في البداية بالرسم المحض أو الكلاسيكي الذي يعتبر أساس كل عمل تشكيلي جدير بهذا الاسم. ثم انتقلت إلى الرسم الزيتي باستعمال سكين فنية وبأحجام كبيرة اعتمادا على خيال خصب.
وبعد إبراز مهاراتها في الرسم التشخيصي الكلاسيكي، لم يتوقف هاجسها في البحث والتجديد. ومن ثم، فمن خلال تفوقها الإبداعي في التعامل مع الضوء، تمنح لكل عمل من أعمالها نقطة تبئير تقود المتلقي في عملية اكتشاف أعماق اللوحة وأبعادها المختلفة.
إنها تحيط مواضيعها بهالة من الشفافية، وتؤسس لوحاتها وفق لعبة التلاشي الدقيقة التي تداعب النموذج. يتعلق الأمر بتعبيرات مربكة ومثيرة، وألوان لامعة ومنعشة جاءت نتيجة مزيج فني مرتجل ولكن متحكم فيه. تحضر الصدفة، إذن، بالقدر نفسه الذي تحضر الحرفية والدقة بمنتهى السخاء، لتكون النهاية السعيدة فرادة العمل الفني واستقلاليته. إنها لا تمنح فقط رؤيتها للطبيعة والأشياء، بل تعمل على تأثيث فضاءاتها التشكيلية بكائنات سينوغرافية، مع احترام للتقاليد التشكيلية العريقة واستحضار لأسئلة العالم المعاصر في الوقت نفسه.
وهكذا، يلاحظ أن الفنانة كنزة لحلو تتقن أدواتها التقنية، مقترحة على المتلقي رؤية ذاتية للكون، مجسدة مشاعرها بكل يسر. من المؤكد، إذن، أن هذه الفنانة تميط اللثام عن الجوانب السرية من شخصيتها الفنية، تاركة أفكارها الحميمية تتجسد في فضاء تشكيلي قوي، عبق بأنفاس روحية أخاذة، مما يؤدي في النهاية إلى امتلاك الاستقلالية الإبداعية المحضة.