التشكيلي السعودي محمد الرباط بين التجريد والتجسيد والواقعية
الرباط «القدس العربي» من محمد البندوري: يوقع التشكيلي السعودي محمد الرباط جملة من المنجزات التشكيلية في نطاق وحدة فارقية، تتموقع بين التجريد والتجسيد والواقعية.
وتشكل الحروفية أحد الموارد التي يعتمدها في المؤهل البنائي لبعض أعماله، سواء التجريدية أو الحروفية أو التجسيدية.
ويشتغل محمد الرباط في نطاق عمليات رؤيوية ذات صياغة تطبيقية تحمل عددا من تصوراته الواقعية فيشكلها بأساليب فنية ترتمي في أحضان الواقعية، أو في التجريد أو في النحت، وكلها رؤية فنية تمتح من الأصالة العربية مقوماتها الأساسية، وتنهل من الفن المعاصر تقنياته الجديدة.
وتأخذ من البعد الجمالي كل الأشكال ذات المعايير المؤهلة لارتياد منصة الإبداع في نطاقه المعاصر. فيتجلى حسه الفني في الكثافة والأطباق اللونية الخفيفة والمتوالفة، وفي الحركة الممزوجة ببعض من الخيال الفني، وفي التقاطعات العلاماتية والاختزالات الرمزية، والوصل بين مختلف المفردات التي تشكل العمل الفني لديه.
واستنادا إلى العمل النقدي، فإن الربط بين مختلف الأساليب في أعماله الإبداعية التي تتراوح بين المجسمات والأعمال التجريدية والواقعية والحروفية، تحدث نوعا من الإسقاطات الفارقية في المادة التشكيلية، فهي وإن كانت تنبض بمقومات العمل الفني فإنها تحتاج إلى إرساء أسلوب تخصصي يقوم على مادة فنية لها مسلكها الخاص، لكن على الرغم من ذلك، فإن الفنان محمد الرباط له من الإمكانات التشكيلية والقدرات الفنية ما جعله يدخل مجال الموسوعية الفنية من الباب الواسع، فهو المتعدد في الواحد، لذلك يحاول المقاربة بين الفضاءات التي تنبني عليها أعماله، والأساليب المختلفة التي يشتغل عليها، وهو ما يجعل جل أعماله مثقلة بالإيحاء والإشارات، وتشكل بعضها أيقونات لها دلالاتها في المنجز الفني لما تضمره من عوالم خفية.
ومن هذا المنطلق يهدف محمد الرباط إلى التأصيل الشامل لعدد من الأساليب، وفق ثقافة التعبير بموسوعية لها رمزيتها في الواقع التشكيلي، وفي الخيال الفني، الشيء الذي يفضي به إلى صنع مساحة شاملة من الإبداع، يتسع فيها مجال التعبير، وتتعدد فيها المعاني والدلالات.
فالتركيب الفارقي بين مختلف المكونات، سواء في الأسلوب الواحد أو على مستوى تعدد الأساليب يمر وفق طقوس ومفردات متنوعة، لأنه يقوم على أبعاد تخيلية شخصية تفضي إلى طرح مجموعة من الأسئلة حول كيفية صياغة البعد الجمالي في شكله الشمولي والنهائي، وهو أمر حتم مسبقا وجود علاقات رؤيوية في ذهنية الفنان، ما يجعله يشكل رزمة من العلاقات التفاعلية المحملة بعُدة جمالية، توحي بأفق تعبيري يجعل المادة التشكيلية في عموميتها تنطق بالعديد من المعاني المحسوسة.
وإن هذا التوجه الذي يروم هذا المسلك من التعبير، يؤسس في العمق لأسلوب شمولي يعتمد طرائق فارقية في البناء، لكنها مدججة بأدوات تفاعلية وآليات تحولية تصير إلى مادة موحدة متكاملة في التصور وفي النتائج.
تفصح عن ذلك مختلف العوالم الجديدة التي تَنتُج عن هذا الوضع الفني الراقي الذي يفضي إلى قراءات وتأويلات متعددة ترتكز على تعدد الدال والمدلول في نطاق نسق متكامل، وفي نطاق منجز متعدد الأساليب ومتعدد التأطير، يعكس تجربة فنية موسوعية معاصرة. مضمِرة لجملة من المعاني التي تلعب أدوارا محورية في توجيه الخطاب في شموليته نحو البعد الجمالي ونحو مسار إبداعي جديد.