التشكيلي اللبناني ياسر ديراني يُنوَّع بين الواقعية والتجريد
بيروت من محمد البندوري: تنبني أعمال التشكيلي اللبناني ياسر ديراني على أس تعبيري، ينصهر في الواقعية والتجريد بكل تجلياتهما الفنية والدلالية. إنه سياق فني معاصر يحمل في طيه تقنيات جديدة يبدي من خلالها الفنان ياسر ديراني مضامين متنوعة تعكس تصوراته، وتستجيب لأفكاره، وهو يجسدها بتشكيلات دقيقة تروم مجموعة من القيم الفنية والجمالية المنبثة في الطبيعة، في نطاق أسلوب واقعي تجريدي معاصر تتنوع فيه المواد والتمظهرات الطبيعية، وأيضا في إطار تجربة تضطلع بتقاطعات مليئة بمجموعة من المكونات الفنية والجمالية، التي تروم المادة التشكيلية في عمقها الفني والدلالي. وهو منشأ تشكيلي يقود إلى إرساء مقومات البناء المشكل على الأسس الواقعية التجريدية المثقلة بحمولة من العوالم المتنوعة، التي تروم العناصر الفنية الجديدة والمفردات التشكيلية المعاصرة التي تؤطر المنحى الجمالي والتعبيري المستبطن في كنف العملية الإبداعية ككل.
إنه تقاطع في التشكيل تؤطره الرؤية البصرية التي تعتمد السمات الجمالية في العمل الفني. وبذلك يهدف الفنان التشكيلي ياسر ديراني إلى التعبير المطلق، وفق منهج شكلي بصري صرف، ووفق اشتغال يأخذ بعين الاعتبار الإنتاجات الداخلية والانفعالات والأحاسيس ذات الأبعاد المنضوية في حكم المطلق، يرسلها بشكل مباشر إلى القارئ، لا تحدها أوصاف الأمكنة ولا يسعها زمان، وبذلك يرسم لها الاستمرارية، من خلال هذا المسلك المزدوج بأسلوب معاصر. ولا شك في أن التقنيات العالية التي يوظفها المبدع تلعب دورا رئيسا في توجيه أعماله نحو ما يرغب توصيله. كما أن قدراته الإبداعية تجعله ينحت هذا التوجه بدقة وعناية وخطى ثابتة، وفق منظوره الخاص المعتمد على سلطة التصور التشكيلي الممنهج الذي يتحكم من خلاله في المادة التشكيلية. وهو ينتج من خلاله ومن خلال تقنياته المتقدمة، وعمليات التوظيف الدقيقة للألوان والأشكال الواقعية والأشكال التجريدية مادة فنية مليئة بالمعاني والدلالات، فيكون موفقا في ربط الصلة بين مجموعة من المفردات التشكيلية بالمضامين الباطنية، في نطاق فني تحاوري، وفي نطاق وجود مادة معرفية يسعى من خلالها إلى تكثيف تداخلات مختلف العناصر الواقعية والتجريدية، وبسط نوع من الانسجام بين هذه العناصر والمضامين التي يشتغل عليها والتي تنبع من فلسفته ورؤيته الجمالية للطبيعة. وهي كلها تثبت ما للمبدع ياسر من إمكانات فنية هائلة تُمكّنه من وضع تصوراته بنوع من الطلاء اللوني والتدفق الشكلي المتداخل بين الواقعي والتجريدي.
إنها قوة تعبيرية وجرأة تشكيلية مدعاة للمزيد من الابتكار والإبداع بلغة تشكيلية تحمل أكثر من دلالة وأكثر من معنى عن مجال التداخل بين الأساليب التشكيلية والمفردات الفنية لإنتاج حيز فني جمالي فريد يبعث روح التجدد، والتمظهرات الاستئنافية، والتراسيم التشكيلية والجمالية التي يتجدد سريان مفعولها في أعماله، ما يتيح عبور المادة التشكيلية نحو نطاق الوجود الحسي البصري بنوع من التخصيب وإعادة القراءة التي يوجهها المنحى البصري، والوعي النقدي بقوة التغيير.
التشكيلي اللبناني ياسر ديراني يُنوَّع بين الواقعية والتجريد