التطور الإنساني 3من اصل3
إن التطور النفسي للإنسان ليحدث في نطاق العملية التاريخية. والمفهوم المركزي في نظرية التطور الماركسية هو علاقة لإنسان بالطبيعة كلياً. وفي أثناء عملية التطور يستقل عنها أكثر وأكثر ويبدأ بالسيطرة على الطبيعة ويتحول في عملية العمل، وفي أثناء تحويل الطبيعة يتحول هو نفسه أيضاً. وتتحدد حرية الإنسان وقدرته على التفكير بتوقفه على الطبيعة. فهو أشبه بطفل في بعض النواحي. يترعرع تدريجياً؛ وإذا ما سيطر على الطبيعة وصار كائناً مستقلاً استطاع أن يطور كل قدراته الفكرية والوجدانية. وإن مجتمعاً اشتراكياً، كما يفهمه ماركس، لهو مجتمع يبدأ فيه الإنسان اليافع بتنمية كل طاقاته وتطوير قواه. وفي الفقرة التالية المقتبسة من “رأس المال” يعرب ماركس عن بعض أفكاره حول هذا الموضوع: “الأجهزة الإنتاج الاجتماعية القديمة هي أبسط وأوضح بكثير من نظام الإنتاج البورجوازي، على أنها تقوم إما على عدم نضج الإنسان الفرد الذي لم ينفصل بعد شن الحبل السري لعلاقة النوع الطبيعية بآخرين أو أنها تقوم على علاقات تحكم وسيطر أورق غير مباشرة. وهي مشروطة بمرحلة تطور منخفضة لقوى العمل الإنتاجية ومشروطة أيضاً بعلاقات البشر المشوشة تشوشاً مطابقاً لذلك في داخل العملية المادية لإنتاج الحيوي، ومن هنا جاءت علاقاتهم المشوشة ببعضهم وبالطبيعة. وينعكس هذا التشويش الواقعي انعكاساً معنوياً في ديانات الشعوب القديمة وعبادة الطبيعة. وليس في إمكان الانعكاس الديني للعالم الواقعي أن يزول البتة إلا إذا مثلت ظروف حياة الناس العملية في أيام العمل علاقات سليمة متبادلة فيما بينهم وبين الطبيعة. إن شكل الحالة الاجتماعية، وهذا يعني شكل عملية الإنتاج المادي، لا يكشف إلا عن غشاوته الضبابية الصوفية لما يخضع كنتاج ناس تكيفوا اجتماعياً تكيفاً حراً لرقابتهم المنظمة الواعية الرشيدة. على أنه يطالب، فضلاً عن ذلك، بأساس مادي للمجتمع أو بسلسلة من شروط الوجود المادية هي نفسها نتاج طبيعي لتاريخ تطور طويل ومرير