التطوير المكاني المرتبط بالسوق :

الهيكلية الاقتصادية الغالبة في منطقة ما هي التي تحدد مدى الزيادة أو النقص في أهمية هذه المنطقة . وبما أن أحواض بناء
السفن في شمالي ألمانيا لم تعد قادرةعلى منافسة العالم الخارجي، فقد اضطرت غالبيتها إلى الإغلاق، وفقدت تلك
المناطق الشاطئية التي كانت غنية الكثير من أهميتها . وقد زاد من الأضرار التي لحقت بمدينة هامبورغ بعد الحرب
العالمية الثانية فقدانها لمناطق الجوار التي كانت تستخدم مرفأها . كذلك فإن منطقة الرور وبلاد السار (سارلاند ) مثالاً
آخرا ً على التحول المكاني للنشاطات الاقتصادية . لقد كانت المناطق الشرقية من ألمانيا الغربية سابقاً أي تلك المناطق
المجاورة لألمانيا الشرقية والجمهورية التشيكية في حينه مناطق غاية في الضعف الاقتصادي، حتى إعادة توحيد
الألمانيتين، لأن عدم وجود مناطق جوار إلى جانب طرق المواصلات الطويلة والبنية التحتية السيئة، جعلت غالبية
الشركات تبقى بعيدة عن الاستيطان في تلك المناطق . وبالمقابل اكتسبت مناطق أخرى كجنوب هسن مع مدينة
فرانكفورت، كمركز مصرفي عالمي، وبافاريا بالاستيطانات الجديدة الكثيرة فيها، قيمة اقتصادية كبرى .
بينما تكون مكامن المواد الخام هامة في الصناعة لأنها تشكل عوامل حاسمة في اختيار مواقع العمل، نجد أن هذه الأماكن
تفقد من أهميتها مع الانتقال إلى مجتمعات الخدمات . وتساعد وسائط الاتصالات والمعلوماتية الحديثة على القيام بنشاطات
مختلفة تتوزع على العالم كله . والمثال النموذجي لذلك هو تطوير البرمجيات في الهند، ثم إرسالها سريعاً عبر الإنترنت
إلى الشركة الأم . ثم إن تكاليف النقل المنخفضة تساعد على لامركزية الإنتاج وتعطي أهمية متزايدة الإمكانيات النقل .
وبالإضافة إلى القوى العاملة المؤهلة، يقوم الأجر هنا بدور هام . وكلما كان أحد مجالات الاقتصاد يعمل أكثر بأجور
مكثفة كان استعداده أكثر لنقل مواقع عمله إلى ما يسمى بمناطق الأجر الرخيص . وهذا التطور هو ما أضر بشكل خاص
بالصناعات النسيجية في ألمانيا الغربية .