1من اصل2
بحثت عن شأن العوامل التي درجتها في هذا الفصل في كثير من مؤلفاتي؛ ولذا أكتفيالآن بتلخيص تأثيرها:إن التوكيد والتكرار عاملان قويان في تكوين الآراء وانتشارها، وإليهما تستند التربيةفي كثير من المسائل، وبهما يستعين رجال السياسة والزعماء كل يوم في خطبهم، ولا يحتاج التوكيد إلى دليل عقلي يدعمه، وإنما يقتضي أن يكون وجيزا حماسيا ذا وقع في النفس، ويمكننا أن نعد البيان الآتي الذي نشر في الصحف نموذجا لهذه الصفات الثلاث:من ينتج القمح؛ أي الخبز الذي نحتاج إليه؟ هو الفلاح! ومن يزرع الجلبانوالشعير والحبوب كلها؟ هو الفلاح! ومن يربي المواشي والأنعام ذات اللحومالطرية؟ هو الفلاح! ومن يربي الضأن للحصول على أصوافها؟ هو الفلاح!ومن ينتج الخمر والنبيذ؟ هو الفلاح! ومن يطعم الطرائد؟ هو الفلاح!ولكن من يأكل أطيب الخبز وأطرى اللحوم؟ ومن يلبس أفخر الثياب؟
ومن يشرب خمر “بوردو” و”الشمبانيا”؟ ومن ينتفع بالطريدة؟ هو ابنالطبقة العليا الثرية!ومن يتسلى ويستريح كما يريد؟ ومن يتمتع بأطايب النعم؟ ومن يسيحللنزهة؟ ومن يتفيأ في الصيف ويتدفأ في الشتاء؟ هو ابن الطبقة العليا الثرية!ومن يأكل طعاما غير شهي؟ ومن يندر شربه للخمر؟ ومن يشتغل بدون انقطاع؟ ومن يكابد حمارة الصيف، وصبارة الشتاء؟ ومن هو شديد البؤسكثير الشقاء؟ هو الفلاح!
والتوكيد لا يلبث بعد أن يكررتكرارا كافيا أن يحدث رأيا ثم معتقدا، والتكرار هوتتمة التوكيد الضرورية، ومن يكرر لفظا أو فكرا أو صيغة تكريرا متتابعا يحوله إلىمعتقد، وإذا نظرنا إلى سلسلة الرجال التي تبتدئ بمؤسس الديانة لتنتهي بتاجر السلعرأينا أنها تستعين بمبدأ التكرار على إقناع الناس. والتكرار من القوة بحيث يجعل الرجل يؤمن بالكلمات التي يكررها،