الجدلية العقلانية في التحليل النفسي13من اصل13
يقول لاكان إن “الرسالة المسروقة” تمثل بحق الدال بكل معانيه وأفضليته على المدلول، فالقصة تدور حول من بحوزته الرسالة؟ تنتقل من يد إلى يد دون الأخذ بعين الاعتبار، أو حتى أن يعرف بالضبط أهمية المعلومات التي تحتويها. فالرسالة بمثابة رمز ينتقل ضمن حلقة معينة، بشكل لا يمكن لأحد أن يمسه دون أن يؤخذ في لعبته ويتحمل النتائج المترتبة عليه، بغض النظر عن خصائصه المتميزة. فوضعية كل فرد في اللعبة تتحدد من المكان الذي يمثله بالنسبة لهذه الرسالة. ويزيد لاكان بأنه إذا أخذنا بعين الاعتبار أهمية هذه الرسالة كنموذج لما يترتب عليها من أحداث نتيجة لتنقلها: نستخلص أنها بمثابة اللاوعي (اللاشعور) لكل شخص منا. وهذا ليس بغريب. فإذا وجهنا نظرنا إلى كل مأساة إنسانية لوجدنا أن على مسرحها تنعقد العقد، وترتبط الصلات بحكم عقود مسبقة تحدد دور الإنسان بالنسبة لغيره، مكانه وحتى مصدره.
وهذا ما يستخلصه لاكان من هذه الرسالة في يدي الملكة مهما كان نوعها: قد تكون رسالة غرام من شخص معين، أو حاملة أخبار مؤامرة على الملك، أو تحمل أحداثًا بالغة الخطورة. المهم في الموضوع أن المعنى المستخلص عندما كانت في يد الملكة يختلف تمامًا حين تصبح في يد الوزير، فبالنسبة له حجة دامغة وبرهان لا يستهان به يضعه في درجه ويستعين به عند الضرورة في تهديد الملكة لكي يحقق بعض طموحاته. ولكن الوزير لا يستعمل هذه الرسالة إنما يضعها في درجه، لأنه يدرك أن الملكة ستخشى أمره لمجرد معرفتها أن الرسالة في حوزته. ويقول لاكان: إن هذه العلاقة الثنائية بين الملكة والوزير: هي نموذج لما يمكن أن نتصوره في التحليل النفسي لما نسميه بالعلاقة النرجسية. وعلى ضوء ذلك يظهر دور الوزير بالنسبة لهذه الرسالة على أنه دور أنثوي شبيه إلى حد بعيد بدور الملكة، فهو مثلها لا يستطيع أن يتكلم عنها- مما يضعه في موقف لا مهرب منه: هو الاحتيال للاستيلاء عليها. وهذا لا يعود إلى ذكاء ديبان في الموضوع بقدر ما هو مرتبط في البنية المتحكمة باللعبة.