الجزائر… الحكومة أمام تحدي وضع خطة لمواجهة الأزمة الاقتصادية في أقرب الآجال
الجزائر: الحكومة أمام تحدي وضع خطة لمواجهة الأزمة الاقتصادية في أقرب الآجال
الجزائر – «القدس العربي»:تسارع الحكومة الجزائرية الخطى لوضع خطة عمل وعرضها على البرلمان في أقرب الآجال، وذلك بعد أن كلفها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير، بالإسراع في وضع خطة عمل تكون في مستوى الأزمة التي تعرفها البلاد، والتي قال الرئيس إن أمدها سيطول.
وتسعى حكومة عبد المجيد تبون الى وضع خطة عمل حسب ما طلب الرئيس، وهو ما فهم منه أن بوتفليقة يرمي بالكرة في ملعب الحكومة، فلم يكن هناك اي كلام احتفالي ودعائي عن برنامج الرئيس، وبالتالي فإن البرنامج سيكون برنامج الحكومة وأي فشل سيكون فشلها، خاصة وأن بوتفليقة اعترف أن الازمة الناجمة عن تراجع أسعار النفط ستطول، وأن اللجوء الى الاستدانة أمر غير مطروح حالياً.
ويأتي هذا في وقت كانت الحكومة السابقة تحضر الجزائريين لهذا الخيار، وتقدمه على أساس أنه الحل السحري للمشاكل التي يتخبط فيها الاقتصاد الجزائري، مع أن غالبية الخبراء تؤكد أن الاستدانة لكن تكون الحل، لان الجزائر في احسن الحالات لن تحصل إلا على حوالي 4 أو 5 ميليارات دولار في السنة، في حين ان فاتورة الاستيراد وحدها لسنة 2016 تجاوزت ال53 مليارات دولار ما بين سلع وخدمات، ورغم كل الإجراءات التي أعلنتها الحكومة السابقة، فإنها لم تتمكن من تقليص فاتورة الاستيراد، بل إن الإجراءات التي اتخذتها في ما يتعلق بفرض رخص الاستيراد تتجه لان تكون فشلاً ذريعاً، خاصة ما تعلق بتقليص استيراد السيارات وتشجيع فتح مصانع تركيب للسيارات مع إعفاءات وامتيازات ضريبية، قبل أن يتبين أن معظم المصانع هو عبارة عن مساحات لنفخ عجلات سيارات تأتي شبه جاهزة، وتستورد بالعملة الصعبة، وتباع بسعر مبالغ فيه.
وستكون مهمة الحكومة صعبة للتقليل من الأزمة، فأسعار النفط مازالت تراوح مكانها، وكبح فاتورة الاستيراد يبدو صعباً، في ظل وجود لوبيات تتحكم في الاستيراد، وهي مستعدة لأي شيء لابقاء الوضع على ما هو عليه، كما أن الحكومة نفسها لم تستطع فرض سياسة التقشف على نفسها، ففاتورة تسيير الدولة تبقى مرتفعة، والتبذير مازال سيد الموقف، لكن احتياطي النقد الأجنبي يتراجع بسرعة، والعجز السنة الماضية كان في حدود 22 مليار دولار، فضلاً عن أن الحكومة ستجد صعوبة في اتخاذ إجراءات غير شعبية، فالزيادات في الاسعار والضرائب لن تغير كثيراً في المعادلة الاقتصادية، في حين أن ضريبتها الاجتماعية قد تكون غالية، لأن المواطن يشعر بأن الحكومة ضغطت عليه كثيراً خلال السنتين الماضيتين، في حين أن الحكومة تعتقد أنها حمت المواطن كثيراً، وأنها أبقت على التحويلات الاجتماعية في المستوى نفسه، وأنها أبقت على دعم المواد الاستهلاكية الاساسية.
الرئيس بوتفليقة أغلق باب الاستدانة في الوقت الحالي، خاصة أنه كان دائماً يفتخر بكونه أول رئيس خلص الجزائر من المديونية الخارجية من خلال الدفع المسبق للديون، في وقت كانت فيه البلاد تعيش بحبوحة مالية، وبالتالي لا يريد الظهور في صورة الذي عاد وأعاد البلاد الى الاستدانة، ولكن الكثير من خبراء الاقتصاد، يؤكدون أنه حتى وإن كانت الاستدانة ليست حلاً سحرياً، لكن كلما تأخرت الجزائر في الاستدانة كانت فاتورة هذا الخيار مرتفعة، لان اللجوء الى الاستدانة في وقت يكون فيه احتياطي النقد الاجنبي في مستوى محترم تكون الامور اسهل، والعكس بالعكس، لكن الرئيس دعا الحكومة الى اتخاذ إجراءات غير تقليدية من أجل إيجاد موارد مالية أخرى، وهو ما فهم منه أنه دعوة لطبع مزيد من الأوراق المالية من أجل ضمان دفع الرواتب والمعاشات والحفاظ على مستوى معين من الاستهلاك، واستغلال ذلك لإعادة تدوير الاقتصاد، لكن هذا الحل هو سلاح ذو حدين، لانه قد يؤدي الى زيادة نسبة التضخم بشكل كبير وزيادة خفض سعر الدينار الجزائري امام العملات الاجنبية.