الجمهور الأنماط السيكولوجية لروَّاد دُور العَرْض السينمائية1 من أصل 2
بعد أسابيع قليلة من بداية عرض فيلم ” البجعة السوداء” (بلاك سوان)، شاهدتُه على شاشة عرض كبيرة مزوَّدة بأحدث تقنيات العرض وأنظمة الصوت في دار عرض في لويفيل، بولاية كنتاكي. لسنوات طويلة كانت هذه السينما دار العرض الوحيدة المخصَّصة لعرض الأفلام في البلدة، لكن عندما أَغلَق مجمَّعٌ سينمائي قريب أبوابه، عمدَتْ إلى تغيير شكلِها بهدف اجتذاب جمهور أكبر. ورغم أنها استمرت في عرض أفلام مستقلة، فقد مزجت بين تلك الأفلام الصغيرة وأخرى أكثر رواجًا. وكان فيلم “البجعة السوداء ” الفيلم المثالي لمثل هذا الاتجاه؛ فقد تمتع هذا العمل، الذي أخرجه المبدع الشاب دارين أرنوفسكي، بمصداقية فنية، وكان في طريقه لتحقيق نجاح جماهيري كاسح.
ذهبتُ إلى حفلة مسائية مبكِّرة بدون سابق إعداد بعد أداء بعض المَهامِّ. وقد وقع اختياري على فيلم ” البجعة السوداء” لأنه حظي بدعاية جيدة، وإعلاناتُه بَدَتْ مثيرة للاهتمام، وحظي ببعض المراجعات النقدية الجيدة. إنه فيلم لم تكن زوجتي لترغب في مشاهدته؛ فهي ليست مولَعة بدراما الرعب النفسي العنيفة، حتى تلك التي تدور أحداثها في عالَم الباليه.
حملتُ كيس الفِشَار، وعبوة من كوكاكولا الكرز، واتخذتُ مقعدًا في المَمْشَى الأوسط تجاه المؤخِّرة. وسرعان ما اكتظَّ المكان بالناس، ورحتُ أرقب الناس وهم يتوافدون.
معظمهم كانت أعمارهم بين سِنِّ الجامعة والثلاثينيات وكانوا خليطًا من النساء والرجال، وربما كانت نسبة النساء أعلى قليلًا. وبدا أن أغلبهم ينتمون إلى الشريحة العليا من الطبقة المتوسطة؛ إذ كانوا يرتدون ملابس غير رسمية عادية على نمط وسط غرب الولايات المتحدة، مع مسحة من الذوق الحضري الأنيق. وكانوا في أغلبهم من البيض، مع وجود عدد من الهسبانيين، والآسيويين، والأمريكان الأفارقة. وقد جاء معظمهم في مجموعات من فردين إلى أربعة أفراد، إما في موعد غرامي أو مع أصدقاء، وكان الأصغر سنٍّا منهم يجلسون في مجموعات أكثر عددًا.