الحداثة ورهانات تحديد الوجهة
أن يستقر رأيك أخيرا على وجهة ما، يعني أن تكون متورطا طواعية واختيارا في إيقاعات خطاب، في تداعياته، أي في ما يمكن أن يباغتك به من انزياحات. تحديد الوجهة وجهتك أنت- هي الإشارة إلى ذلك المدار الذي تلقي فيه الكلمة بثقل حضورها، كما هي الكلمة الفصل في عملية تأثيث المشهد، واختيار العناصر الملائمة لتفعيله وتحيينه، بما يقتضيه هذا التحديد وهذا الحسم من حذر يقظ وأنيق، لأن التحديد والحسم هما خلاصة انتقاء أخير، يتحقق عادة في قلب دوامة عاصفية من الاختيارات التي يزوبعها إيقاع الحداثة حواليك. كما هما اختبار قاس لقدرة الكائن الحداثي على الإعلان عن مبادراته، كلما حاق به طوفان الأسئلة، الصور، والأصوات ذات النداءات المضللة، الحنون، الوديعة والماكرة في آن، حيث تكون استجابتك النموذجية لسلطة الإيقاع هي العتبة الممكنة لاجتيازك اختبار مقالب الحداثة. ارتماءاتك التلقائية في عمق المنحدر. مغادرتك الباردة لمنصة الإنصات. عبورك المتعجل لأنفاق العتمة، وتمترسك الخانق في كماشة الخندق، وأيضا رقصة مخيالك النحيف على جليد الكتابة.
شاعر وكاتب من المغرب
رشيد المومني