على الرغم من أن الكاتبات قد عبرن بطرق مختلفة عن رغبتهن في كتابة حياتهن وتجاربهن، وأن ثمة أدلة وافرة في أعمالهن لتأكيد العقد السير ذاتي مع قرائهن، إلا أنهن قد أبدين ضروبًا من التردد فيما يتعلق بالطبيعة الجناسية لأعمالهن، وبالدوافع التي دفعتهن إلى الكتابة، وكذلك بالأهداف التي يرغبن في تحقيقها في سيرهن.
فلم تستعمل العبارة التجنيسية (سيرة ذاتية) في أغلفة عناوين أعمالهن، بل استخدمن عناوين مجازية ليس لها أي قيمة أجناسية. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل إن بعضهن مثل أميمة الخميس تنكر أنها تكتب سيرة ذاتية بشكل عام: (ما أكتبه ليس بسيرة ذاتية، فالسيرة قد تغطي أوراقها مراحل العمر…)(8). ولكن هذا السبب، أعني انعدام الشمولية في العمل؛ ليس كافيًا ولا مقنعًا، فالشمولية في أي سيرة ذاتية هي عمومًا نسبية. أما ليلى الجهني فتقول في أحد المواطن واصفة عملها: (إنني أكبر، ومع ذلك فإن كتابتي هذه ليست عدًا لأعوامي ولا إحصاء لها)(9). بينما نجد أن الدغفقتصف عملها في أحد المواطن بأنه (سيرتي الناقصة)(10). وربما يفسر هذا الموقف المتردد بخشيتهن من ظهور موقف اجتماعي سلبي تجاه كاتبات يبحن بأفكارهن ومشاعرهن الخاصة والحميمية أحيانًا؛(11) أو أنه تبرير استباقي لأي ضعف فني أو نقص قد يظهر في سيرهن الذاتية، وهذا ما أرجحه أنا.