:
13من اصل13
وقد رحب القائد العام لشرطة باريس بهذا القرار ولا سيما أنه “سيسفر عن تقليل النفقات التي يدفعها الملك” (فليس هناك بالتأكيد كلفة إقامة واجبة الدفع في سجون الدولة؛ حيث إن السجناء ينتمون إلى طائفة “من يعيشون على خبز الملك”). وفي الوقت عينه، حرص هذا القائد نفسه على ألا تنطلي عليه ألاعيب المجانين الكذبة الذين ينؤون الفرار من سجن الباستيل. “لا يخدعننا عبوس وجوههم وتعابيرها المصطنعة”، تلك هي النصيحة الصادرة من فرساي. في بعض الأحيان، كانت تنجح الحيلة بشكل يفوق توقعات الشخص المدعى؛ “لقد تظاهر بالجنون وأصبح مجنونا بالفعل”.
بالإضافة إلى دار شارنتون، كانت دار سان لازار هي دار الاحتجاز الباريسية الأخرى التي تتولى حبس الحمقى، مبدئيًا بموجب خطاب مختوم يحمل أمرًا ملكيًا فقط. فمقابل دفع نفقة إقامة قدرها 600 جنيه بحد أدنى (كانت هناك أيضًا نفقات إقامة تبلغ 1000، بل 1200 جنيه)، كان هذا المنزل، الذي تديره جماعة “قساوسة الإرسالية” التي أسسها فنسان دي بول، مخصصًا للعائلات الميسورة على غرار دار شارنتون. كما هي الحال في دور الاحتجاز الأخرى بالمملكة، كانت دار سان لازار تحتجز أيضًا جانحين خاضعين للإصلاح (على نمط الفارس دي جريو، بطل إحدى الروايات الأدبية). في نهاية القرن السابع عشر، كانت الدار تحوي 48 غرفة للجانحين و 38 غرفة للمختلين عقليًا الذين تضاعف عددهم خلال القرن الثامن عشر.
أما مشفى باريس العام، فقد استمر في العمل خلال القرن الثامن عشر باعتباره مشفى ودار احتجاز جبري – وهي الخطوة التي شكلت انحرافًا ملحوظًا في الأقاليم – عن طريق حبس الجانحين والمختلين عقليًا بناءً على طلب العائلات. ولقاء دفع تكلفة إقامة قدرها 200 جنيه سنويًا، كانت هذه الدار تعد أرخص دار احتجاز في المملكة. وتبعًا لذلك، كانت الأوضاع المعيشية متردية داخلها بما رافقها من ضيق وعدم ارتياح وازدحام نتج عنه اختلاط غير مرغوب فيه، وقد ظل “المشفى” كما هو محتفظا بهيبته بحيث كان اسمه وحده يثير الذعر في نفوس القاعدة العريضة من الفقراء (ولفترة طويلة كانت عبارة “الانتهاء في المشفى” تعد في اللغة الشعبية مرادفا للموت بؤسًا).