الرجل المناسب
حين تختار منظمة التحرير الفلسطينية ممثليها في دولة ما، تختارهم ممن درسوا في تلك الدولة واتقنوا لغتها، وبرزوا بنشاطاتهم من بين زملائهم وتميزوا عنهم بالكفاءة … إنها تلتزم بمبدأ الرجل المناسب في ا لمكان المناسب حقاً .
مررت بباريس قادمة من ليبيا ، كنت مشتركة في مهرجان الكلمة المقاتلة في طرابلس أواخر حزيران/يونيو 1981 … الرحلة الشاقة أتعبتني إلى درجة أنني في طريق العودة عبر باريس لم أستطيع مواصلة الرحلة إلى بيروت … ومخالفة القوانين الفرنسية خطيئة لا يعرفها من لم يجرب قسوة البوليس الفرنسي. وقد أعطيت مهلة 24 ساعة فقط في مطار أورلي على ان اغادر، وعليَّ أن أجابه الإجراءات الفرنسية.
جاءت صديقة لي وأخذتني من الفندق إلى بيتهم في الشانزليزية … في الصباح التالي اتصلتُ بالسفارة العراقية … زودوني بكتاب رسمي إلى شرطة الإقامة بباريس ، ووقفت بالصف طويلاً وأنا أحمل الورقة المهمة بثقة … وصلت إلى الشباك بعد انتظار طويل … فردتني الموظفة قائلة: نحن لا نلغي ولا نعدل ولا نتدخل في قرارات مسؤولي المطار.
رجعت إلى بيت صديقتي … وفي المساء، كان من بين زوار زوجها ابراهيم الصوص ممثل منظمة التحرير في باريس، قال إبراهيم الصوص: بسيطة … يوم الاثنين سأمر بك لتدبير المسألة.
ومر الاثنين … والثلاثاء … والاربعاء ثم الخميس … بل مر الاسبوع … ولم يتصل أبراهيم الصوص، أمسكت القلم وكتبت على ورقة:
أسعدتني بوعودٍ
حصادها كان صفرا
هذا وما زلت صوصاً
فكيف لو صرت نسرا
(معنى الصوص هو فرخ الدجاج الصغير)
وإذا بجرس التلفون يدق … أبراهيم الصوص … قال: هل انت مستعدة … السائق … وهو تونسي اسمه فلان سيمر عليك.
صحبني سائق منظمة التحرير إلى نفس المكان المزعج (دائرة الإقامة) . قال استريحي هنا … هذه المرة جلست في الطابق الأول ولم أقف بالصف في الطابق الأرضي ودخل هو … بعد لحظات استدعيت إلى الغرفة، فوجئت بلطف المعاملة … وسؤال كم يوم تريدين … قلت يكفي اسبوع أخر… ختم الجواز، ولكن كيف تختم قضيتي مع ابراهيم الصوص الذي قرأت عليه الأبيات بالتلفون؟ قلت نعدلها وكتبت له:
ياصوص أنت كبيرٌ
طويل باع وقادر
نويت أهجوك صبحاً
لكنّ ربّك ساتر
قلبي وليس لساني
أمسى لفضلك شاكر
اديبة عراقية كاليفورنيا
لميعة عباس عمارة
أشكر لميعة عباس عمارة، على هذه المقالة، التي أوضحت بالدليل العملي معنى الواسطة والمحسوبية أو الرشوة بشكل عام، والتي لا يستطيع الاستغناء عنها النظام البيروقراطي، لأنَّ صاحب الكرسي في موقعه الوظيفي له حق تفسير القوانين حسب مزاجيته وانتقائيته، كما أوضحه موقف الموظف من خطاب السفارة العراقية، وموقفه المختلف 180 درجة من سائق ممثل منظمة التحرير الفلسطينية “التونسي”، بغض النظر كانت الدولة في أوربا أو آسيا وأفريقيا.
ما رأيكم دام فضلكم؟
الأستاذة لميعة عباس عمارة ، بصورة عامة من طبيعة العرب هو عدم الالتزام أوالدقة في المواعيد وهذا مُخيب لأن الوقت ثمين والأنتظار مُتعب وأيضا هوإهدار لطاقة الانسان . وتخيلي ما يحصل في المؤسسات والدوائر الحكومية في الوطن العربي حيث يتأخر إنجارالكثير من المشاريع المهمة وتكون الخسائر المالية باهضة بسبب هذا التأخير وعدم احترام الوقت . وايضا ترين نفس المشكلة في المستشفيات وفي المدارس وفي دوائرالخدمات العامة للمواطنين .هذا مؤلم فمتى ومتى سنلحق بالدول المتقدمة ونحن من بلاد مهد الحضارات