غير أن هذا الأمر تطور مع ظهور الصحف، ودور النشر، والإعلانات والدعاية بأشكالها المختلفة وكذلك مواقع الإنترنت، حيث ازداد الطلب على تصميم الرسوم، والأشكال الفنية والفلاشات، والصور المتحركة.
متطلبات تقنية
ومن هنا لم يعد رسام الجرافيك في شكله الحديث يركز فقط على إخراج رسم فني متميز، بل عليه أن يتقن استخدام الكمبيوتر والإنترنت وبرامج التصميم المختلفة ومتابعة كل تطور يحدث فيها.
وفي هذا السياق يقول سليمان محمد مصمم جرافيك بأحد المواقع الإلكترونية العربية: إن هناك برامج خاصة للجرافيك الذي يعمل في الصحف والمطبوعات والدعاية، وأبرزها “الفوتوشوب” بأجياله المختلفة، وهو برنامج يجب أن يتقنه أي شاب يريد العمل بالجرافيك، خاصة بعد اكتشاف ما يسمى باللايرات داخل الفوتوشوب، وهي تقنية تمكن مصمم الجرافيك من تقسيم الجزء الذي يعمل به إلى 10 أجزاء على سبيل المثال والعمل بها وتركيبها في شكل واحد، وهو ما لم يكن متاحا في الماضي.
أما بالنسبة لمن يعمل بالمواقع الإلكترونية، فهناك حزمة أخرى من البرامج الرئيسة المطلوب إتقانها ليكون هناك “جرافيك مان” أو الرسام الإلكتروني مثل برنامج “فلاش” ويستخدم لعمل التصميمات المتحركة، وبرنامج إليستراتور، وفري هاند وكلاهما يستخدم في حالة التصميمات غير منتظمة الشكل.
وبالإضافة لما سبق يشير أيمن إبراهيم مصمم مواقع إلكترونية إلى نوعين من الإعدادات تحتاج إليها اللوحات الفنية، خاصة على الإنترنت وهي:
أولا: مراعاة اختيار الألوان المناسبة والمعبرة عما يريد المصمم أن يبرزه من خلال عمله، سواء خطوط الرمز المستخدم من خلال هذا البنط (Font) أو خلفية اللوحة التي يقوم المصمم بإنشائها.
ثانيا: وفقا للرسالة التي يرمي المصمم إلى إبرازها من خلال اللوحة يمكنه أن يستخدم التأثيرات الخاصة، سواء كانت متاحة في البرنامج الذي يستخدمه مثال ذلك استخدام ما يدعى (Layer Styles) في برنامج (Photoshop)، كما يمكن لمصمم الجرافيك أن يقوم بإنشاء التأثيرات الخاصة التي يريدها، مستخدما مهاراته وخبراته هو في تمثيل التأثيرات الضوئية والظلال على الأجسام والخطوط المرسومة في اللوحة.
الموهبة قبل البرامج
ورغم أهمية ما سبق من برامج ضرورية ليمارس الرسام الإلكتروني وظيفته، فإن محمد جمال خبير الجرافيك في إحدى الشركات العربية يرى أن الفارق بين مصمم جرافيك وآخر هو الموهبة والرؤية الخاصة في التصميم الفني، وكذلك القدرة على إنتاج أفكار جديدة ومؤثرة في الناس، فذلك هو رأسمال الجرافيك، وهو لا يأتي إلا إذا كان الشخص لديه القدرة على أن يكون له رأي في الأفكار التي يخرجها في عمل فني، فضلا عن أن الاستمرارية في العمل، والإصرار على ابتكار أفكار جديدة يخلقان لـ”الجرافيك مان” شخصية متميزة.
وحتى يحدث ذلك لا بد أن يلغي الجرافيك مان من قاموسه كلمة لا أستطيع؛ لأن كل محترف بدأ من الصفر، فإذا أكثر التمرين وامتلك الموهبة وتابع أعماله بدقة أكثر؛ فإنه في المستقبل غير البعيد يتفوق على كل المصممين الذين يعرفهم، لذا على الجرافيك مان أن تكون تصاميمه ذات خيال فني خاص به، بعيدا عن التقاط أو تقليد صور الآخرين أو حتى جزءا من أعمالهم الفنية.
ولا تأتي الرؤية المتميزة عبر إتقانه فقط برامج الكمبيوتر، بل بمتابعة الأحداث والتقاط صور ذهنية ورموز غير مباشرة لاستخدامها في منتجه الفني، كما أن التدقيق في كل عمل يراه أو ينتجه هو أمر غاية في الأهمية، فكم من أعمال صغيرة أنتجت أفكارا كبيرة وعظيمة، وكم من أعمال كبيرة لم تنتج إلا أفكارا بائسة.
نصائح للمبتدئ
وإذا كان ما سبق هو القاعدة الأساسية لعمل الجرافيك فإن هناك نصائح أساسية لأي شخص يريد امتهان هذه الوظيفة، وهذه النقاط يحددها أشرف محمود مصمم الجرافيك في الآتي:
– الألوان: الألوان من أهم الأشياء في التصميم، وهي ما يمكن أن يشكل فرقا بين التصميم الجيد والتصميم السيئ، والتصميم الجميل والتصميم القبيح. وبدون الاستعمال الجيد للألوان، فلن يؤثر تصميمك على المشاهدين كما تريد.
– الدقة: حاول أن تكون دقيقا في جميع تفاصيل تصميمك مهما كانت صغيرة.
– الموضوعية: من أهم مميزات التصميم موضوعيته، فلا يمكن لك أن تضع خلفية تحتوي ورودا وقلوبا ثم تضع كلمة “الحاسب الآلي”، فيجب أن يكون هناك تناسق بين جميع عناصر التصميم.
– الخطوط: وهي ما يميز أي نص في التصميم، فحاول قدر المستطاع أن يكون الخط مقبولا في التصميم.
– التنويع: لا تجعل جميع تصاميمك رومانسية أو تقنية، وإنما خذ من كل بحر قطرة.
– التوقيع: قم بإنشاء رمز مميز يعتبر توقيعا لك في لوحاتك.
– النشر: حاول أن تنشر تصاميمك في أكثر من مكان، لتستفيد من النقد والتعليقات المختلفة.
– الانتقادات: تقبل أي انتقاد على عملك -مهما كان قاسيا- بوجه رحب، وحاول تفادي كل الانتقادات وتطبيق جميع الاقتراحات.
الجرافيك مان وسوق العمل
يتفق معظم العاملين في مجال الجرافيك على زيادة الطلب في المنطقة العربية على وظيفة الجرافيك أو الرسام الإلكتروني لاعتبارات يشير لها أيمن الكيلاني مصمم الجرافيك بأحد المواقع الإسلامية،
حيث يقول: إن ثمة تناميا كبيرا في سوق الدعاية والإعلان والنشر الإلكتروني ومواقع الإنترنت في منطقتنا العربية، وهذه مجالات كلها تطلب بشدة أعمال الجرافيك.
ولكن الكيلاني يرى أن الجرافيك مطلوب بشكل أكبر في دول الخليج العربي التي تشهد استخداما مكثفا للحاسب الآلي في جميع المجالات، مشيرا إلى أن الجرافيك مان الذي يتمتع بقدرة خاصة على الإبداع، ولديه حس فني قد يصل متوسط دخله الشهري في مصر إلى خمسة آلاف جنيه، وفي دول الخليج العربي إلى أربعة آلاف دولار أو أكثر، خاصة إذا كان يجيد التعامل مع برامج تصميم الصفحات على الإنترنت.
غير أن هذا الإغراء المادي للوظيفة تواجهه مشكلات عديدة يتفق عليها مصممو الجرافيك، منها أن هناك زيادة في الطلب على هذه الوظائف في السوق العربي، ولكن المعروض خاصة من ذوي الموهبة قليل، لا سيما أن هذه الوظيفة تتطلب ذهنا خاليا صافيا، وهذا لا يتوفر في منطقتنا التي ينشغل فيها المواطنون بضغوط حياتية تستهلك طاقتهم الإبداعية عدة تبدأ من المواصلات، وتمر بتكاليف المعيشة، وتنتهي بالضغوط الإدارية وغيرها.
والمشكلة الرئيسة أيضا هي أن الثقافة الفنية المطلوبة في التعامل مع الجرافيك غائبة تماما في مؤسساتنا العربية، ففي الوقت الذي نجد شركة بأكملها تقوم بعمل فلاش لموقع يتم التخطيط له بدقة شديدة بصورة جماعية، ليخرج بصورة قوية ومؤثرة نجد منطق مؤسساتنا العربية أن فردا واحدا يعمل في فلاش، ومطلوب بسرعة، ومن ثم تخرج الأعمال الفنية على غير مستوى ما يقدم في الدول الغربية، ولهذا نجد أن أجر مصمم الجرافيك في الولايات المتحدة يصل إلى 70 دولارا في الساعة وهو يفوق أضعاف أضعاف ما يحصل عليه المصممون العرب، وفقا للكيلاني.
بالإضافة إلى ذلك فإن معظم مصممي الجرافيك اتفقوا على ضرورة تأسيس جهات حتى ولو كانت إلكترونية داخل الدول العربية تتبنى وترعى المواهب الفذة في الرسم الإلكتروني، والوظائف المتعلقة بالإنترنت، أي تنمية واستثمار الموارد البشرية العاملة في هذا المجال، لا سيما بعد زيادة الاستخدام التجاري للإنترنت في منطقتنا العربية