عبد الكريم محمد النملة:
1من اصل2
موجات الصراع تتدفق عادة في المساء.. تناوبك.. تعتلي أبراج سموك.. تطفئ ترجئ.. تنتظر.. حين تنطفئ الأنوار الشاهدة. حين تنقلص النظرات الممتدة، حين يغور السمت وتتفلت النزوة من محابسها، حين تطفو سحب الرغبة. حين تستطيع أن تجد نفسك. أن تقبض ظلك فلا يبين تحت الضوء غيرك، كارثة أن تكون هذا المساء وحيداً، قد تطول سهرتهم، فينمو ولعك، وتزحف رغباتك، قد يهلون عن شأنك، فتلهو أنت بشأنك، هي في الطابق العلوي للمنزل تنجز عملها، وموجات متلاطمة من وقار وخوف ورغبة وجرأة تختلط في نفسك، لو فصلت بينها! لو رتبت منازلها! لو أغمضت عينيك واستطعت طرد هاجس الرغبة المتأجج داخلك!
تلاصدتك الليالي منذ رأيتها للوهلة الأولى في صالة المطار، مشت خلفك خانعة، تأملت صورتها الداكنة في جواز السفر، تلتفت خلفك، رأيتها تحمل على كتفها حقيبة ثقيلة أمالت استقامة جسدها، فبرزت لعينك بصورة أنشأها خيالك الطامح ليبعث بها ذهنك الطافح، كانت نظراتها.. رغائبها.. تتوسلك.. ترجوك.. صددت عنها، فقد كانوا في حضرتك، وطالما اعتمرت أمامهم وأمام غيرهم عمامة الوقار والسمت، ولم تنزل عنهما يوما حتى في أوقات الفسحة والنزهة، لم تغادر يوماً منازل رزانتك، وإن لم تكن طبيعة فليكن تصنعاً. كنت حاذقًا، ولم تتقعر عين أبدًا داخلك، لترى تلك الغرفة الصغيرة المظلمة في زاوية أبعدتها عن عين مقتحمة، ربما، وكنت تضيؤها أمامهم قبل أن تضيئ نفسك، الطقوس الرزينة لا تغيب عنك في عملك أيضًا، تذيع بينهم أحاديث العقول النقية، تتلمظها بسعادة وقناعة،