الطوفان منعطف زمني1من اصل2

لا يشك اليوم أحد في أن ذلك الطوفان قد حدث فعلاً. وذلك التطابق الكبير بين أخبار ملحمة غلغامش وأخبار العهد القديم يوحي بأن الأمر ليس مجرد حكايات خرافية بالإضافة. إلى أن حكايات الطوفان موجودة لدى كثير من شعوب الأرض الأخرى. لكن ما هي حقيقة ما جرى بدقة آنذاك؟ الفرضية الأحدث قدمها عالما الجيوفيزياء الأمريكان ويليام ريان وولتر بيتمان. لقد درس العالمان الطبقات الرسوبية في البحر المتوسط والبحر الأسود، ثم وضعا السيناريو التالي: بعد العصر الجليدي ارتفع منسوب المحيطات بفعل الذوبان المستمر للجليد. ومستوى سطح البحر الداخلي الهائل الذي ندعوه في عصرنا البحر الأسود كان أكثر انخفاضا بما يعادل 120 متر عن سطح البحر المتوسط. وكان البحران منفصلين عن بعضهما فقط بحاجز صخري صغير عند مضيق البوسفور. وبعد عام واحد صار مستوى سطح المياه في البحرين متساويًا.

قبل الكارثة كانت الأراضي المحيطة بالبحر الأسود مأهولة بكثافة. وبسبب الطوفان بدأت حركة هجرة أدت إلى تغيير تاريخ أوروبا والشرق الأدنى. إذ وصل اللاجئون من الطوفان إلى آسيا الوسطى وإلى وسط أوروبا، واحتلوا أجزاء من الشرق الأدنى وتابعوا مسيرتهم حتى مصر، جالبين معهم معارفهم وذكرياتهم عن الكارثة المروعة التي تم تدوينها بعد أجيال كقصة أمثولية لتوارثها العصور.

هذا الطوفان المؤطر مكانية حسب الباحثين الأمريكيين وقع قبل نحو 7600 سنة.

ثمة فرضية أخرى مدعومة بكثير من الأدلة قدمها المؤلف الألماني الدكتور هانس يواخيم تسيلمر في كتابه “خطأ داروين” الصادر عن دار هربيغ للنشر.