العسل لتحسين تفاعل ديلز-ألدر!

العسل لتحسين تفاعل ديلز-ألدر!

العسل لتحسين تفاعل ديلز-ألدر!

لا بدّ من نبذة عن تفاعل ديلز-ألدر قبل أن نتناول الدراسة الحديثة التي أُجراها الباحثون لتحسينه …
■ تفاعل ديلز-ألدر:
تفاعل ديلز-ألدر Diels–Alder:
تفاعل إضافة حلقية [4 + 2] بين دايين مترافق (مثل المركّب رقم 1) وألكين مستبدل (مثل المركّب رقم 2) ليتشكّل هكسين حلقي مستبدل (مثل المركّب رقم 3).
يعتبر تفاعل ديلز-ألدر من تفاعلات الاصطناع العضوي المشهورة، وقد سُمّي نسبة إلى الكيميائيين الألمانيين أوتو ديلز Otto Diels وكورت ألدر Kurt Alder اللذين وصفا التفاعل عام 1928، وكان ألدر حينها طالباً لدى ديلز.
في عام 1950، حاز كلاً من ديلز وألدر على جائزة نوبل في الكيمياء لوصفهم التفاعل.
يُشار عادةً إلى تفاعل ديلز-ألدر بالاختصار DA.
ليس مستغرباً أن ينال تفاعل ديلز-ألدر شهرته، فهو سهل الإجراء، ونحصل من خلاله على البنى الحلقية الموجودة في المركّبات الطبيعية.
استُعمل تفاعل ديلز-ألدر منذ اكتشافه في اصطناع العديد من المركّبات الطبيعية والهامّة بيولوجياً، مثل مركّب الكورتيزون (الظاهر في الشكل المجاور) عام 1951، وكلاً من البروستاغلاندين F2α والبروستاغلاندين E2 عام 1969.
جرت الكثير من التحسينات على تفاعل ديلز-ألدر منذ اكتشافه، ومن هذه التحسينات إمكانية إنتاج مركّبات حلقية غير متجانسة، إجراء التنشيط بحموض لويس، إجراء التنشيط بالماء، إجراء تفاعلات غير متناظرة، والتحفيز الكهربائي للتفاعل (راجع هذا المقال).
سنناقش في الفقرة التالية دراسة حديثة أُجراها الباحثون لتحسين التفاعل، ومن المرجّح أن يستفاد الصناعيون من هذه الدراسة لأهمية المركّبات التي يمكن لتفاعل ديلز-ألدر أن ينتجها.
■ العسل يُلهم الباحثين:
يُستعمل الماء كمذيب في تفاعلات ديلز-ألدر، ويفيد في زيادة التفاعلية والانتقائية. تكمن المشكلة في الانحلالية الضعيفة لبعض مواد التفاعل في الماء ممّا يتطلّب استعمال مذيب آخر مساعد (كحول، بوليول، إيثر حلقي، …)، ولكن يقلّل ارتفاع تركيز المذيب المساعد من مزايا استعمال الماء.
اكتشف باحثو المخبر الكيميائي الوطني (التابع لمجلس البحث العلمي والصناعي في الهند) مذيباً جديداً يمكن استعماله في تفاعلات ديلز-ألدر المائية، وذلك انطلاقاً من معرفتهم لخصائص العسل، فالعسل منتج طبيعي فوق مشبع، مستقرّ، ويعدّ مصدراً للكربوهيدرات والبروتينات. أطلق الباحثون على مذيبهم اسم “المذيب الجديد فوق المشبع NSS”.
اعتمد تركيب المذيب الجديد على مكوّنات العسل النموذجي مع استثناء الفينول والثيمول باعتبارهما من الملوّثات المؤذية، أي أنّ المذيب الجديد يتكوّن من الماء، الفركتوز، الغلوكوز، المالتوز، السكروز، حمض الجلوكونيك، والجلوكونولأكتون. تبلغ اللزوجة الديناميكية لهذا المذيب مقدار 2161 cP عند درجة حرارة 25 ºC، أما اللزوجة الديناميكية للماء فتبلغ 0.89 cP فقط عند نفس درجة الحرارة.
اختبر الباحثون مذيبهم الجديد عبر إجراء تفاعل ديلز-ألدر بسيط بين حلقي البنتاديين وأكريلات الميثيل عند درجة حرارة 25 ºC (التفاعل الظاهر في الصورة المجاورة).
لاحظ الباحثون أنّ ثابت معدّل التفاعل أعلى ب 20 مرّة من حالة استخدام الماء، حيث ينخفض ثابت معدّل التفاعل كلّما زادت نسبة الماء في المذيب.
يوحي ما سبق أنّ المكوّنات المانحة للرابطة الهيدروجينية (مجموعات الهيدروكسيل المتعدّدة) مسؤولة عن ارتفاع ثابت معدّل التفاعل، ولكنّ التفاعل في حالة استخدام المذيب الجديد أسرع بعشر مرّات من حالة استخدام المذيب ذات المكوّن الواحد (محلول مشبع للغلوكوز أو الفركتوز)، ممّا يعني أنّ زيادة سرعة التفاعل لا تُعزى فقط إلى الروابط الهيدروجينية.
لتفسير سرعة التفاعل الكبيرة التي يوفّرها المذيب الجديد، لجأ الباحثون إلى نظرية التفاعل ذات الاصطدام المتحكّم به، والتي تربط بين ارتفاع سرعة التفاعل وازدياد عدد التصادمات بين المواد المتفاعلة. يمكننا أن نفهم حالة فوق الإشباع إذا فهمنا تأثير ارتفاع الضغط داخل وعاء التفاعل.
يتمتّع المذيب الجديد بصداقته للبيئة، ويمكن إعادة استخدامه (حيث ينخفض مرود المذيب قليلاً من 92% إذا كان جديداً إلى 89% بعد الاستخدام).

m2pack.biz