العنة الذهنية في كتَّابنا

 

فقرة 2
فقرة 2

2 من أصل 3

وكذلك تحدث للكاتب عنَّة ذهنية إذا كان مترددًا لا يعرف هل هو على حق أم باطل، وهل يجب عليه أن يكتب أم لا يكتب، وهذا التردد فضلًا عن أنه يفقده الحماسة، فإنه يعطل ذهنه فلا يستطيع الاختراع أو الاختلاق، وكثير من كتابنا في هذا الموقف يطالبون بالمحافظة على التقاليد، ثم في الوقت نفسه، يحسون أنهم يجب عليهم أن يأخذوا بروح العصر الحاضر، فيترددون، وهذا التردد يجمد أذهانهم.

وجميع كتَّابنا تقريبًا على هذه الحال، في عنة ذهنية؛ لا يتحمسون لأنهم يخافون أو يترددون، أو هم يكلفون أعمالًا لا يحبونها فلا تغريهم ولا تحمسهم.

الحماسة، الغلواء، الحب، الاشتهاء النفسي للفن، هذه هي أسس الإحساس والإتقان في الكتابة، وجميعها غير متوافرة في مصر.

نحن في مصر نكتب تحت إشراف الرقابة الحكومية، وفي حدود التقاليد وليس في مصر، بل ليس في الأمم العربية كافة، كلمة أشأم علينا من كلمة التقاليد التي نعيش بها في ألف ليلة وليلة من الظلام.

إن أوربا قد فصلت الدين من الدولة فانطلق الذهن حرٍّا يسعى ويثب بلا قيود، وابتكر واختلق وجدد وابتدع، أما نحن فإننا حين نقعد إلى مكتبنا كي نكتب نجد كلمة “لا” منصوبة أمام أعيننا وأذهاننا، فنحجم أو نتردد، أو نكتب السخف ونحن على وجدان بأنه سخف.

نحن الكتَّاب نقف من الأدب والفن موقف المرأة العربية قد ضرب عليها الحجاب، فلما تخلصت منه بقي منه شيء في نفسها: حجاب نفسي يقول: هذا محظور، وهذا جائز، ولكن … التقاليد.

ونحن كذلك، قد تخلصنا من بعض القيود الشرقية، ولكن بقيت علينا رقابة الحكومات والتقاليد.

m2pack.biz