الغبار السحري من الضوء والمادة لتشغيل أجهزة الكمبيوتر العملاقة مستقبلاً
هناك أكثر من طريقة لبناء حاسوب عملاق. توصل الباحثون إلى طريقة جديدة لمعالجة البيانات على نطاق واسع باستخدام نوع من “الغبار السحري” مصنوع من الجسيمات الكوانتية (جسيم دون ذري) يُدعى “البولاريتونات” polaritons.
تتكوّن هذه الأقطاب من نصف ضوئي ونصف مادّي، وقد تمكن العلماء من توضيح كيفيّة قيامها بتوفير حلول سريعة للمشاكل الرياضية المعقدة.
يمكن أن يؤدي ذلك إلى سلالة جديدة من الحواسيب فائقة القدرة على التعامل مع مشاكل كانت غير قابلة للحل في السابق في مجالات البيولوجيا والتمويل والسفر في الفضاء وفقاً للفريق الدولي للباحثين.
يقول “بافلوس لاجوداكيس” وهو أحد الباحثين من جامعة ساوثامبتون في المملكة المتحدة: “إننا في بداية اكتشاف رسوم البولاريتون البيانية لحل المشاكل المعقدة”.
يقول لاجوداكيس: “نعمل حاليًا على زيادة حجم الجهاز إلى مئات “العقد” nodes مع اختبار قدرته الحسابية الأساسية. يكمن الهدف النهائي في خلق محاكاة كمومية دقيقة تعمل في الظروف المحيطة”.
بقدر ما تتمتع به أجهزة الكمبيوتر العملاقة الحديثة من قوة، إلّا أنّها تعاني من مشاكل فرعيّة معيّنة تشمل حالات معينة تحتاج فيها إلى العثور على أبسط طريق ممكن نحو الإجابة.
يقارن الباحثون بين هذه الأنواع من المشاكل الشائكة في محاولة للعثور على أدنى نقطة، فكيف يمكنك الإنتقال في مكان إلى أعلى وأسفل لأطول وقت ممكن دون أن يكون هناك أدنى نقطة.
في حين أن أجهزة الكمبيوتر فائقة السرعة تستطيع بكل تأكيد القيام بكل ذلك بشكل أسرع من أي وقت مضى، إلّا أنّ البولاريتونات تقدم أسلوبًا جديدًا، فهي تعمل بشكل فعال كمواقع فعالة لتوجيه “متنقلنا” الافتراضي نحو أدنى نقطة بشكل أسرع مما يوفر الكثير من “أحذية التنقل”.
يقول الباحثون إن الأمر يشبه إلى حد ما غبار السحر فوق المناظر الطبيعية الجبلية، ولكن استغرق الأمر عدة سنوات للانتقال من أولى الفرضيات إلى عرض لهذه التقنية باستخدام بيانات تجريبية.
تم إنشاء بولاريتون عن طريق تسليط ليزر على طبقات مكدسة من الذرات بما في ذلك الغاليوم والزرنيخ والإنديوم والألمنيوم مما يتسبب في امتصاص الإلكترونات وإصدار لون مميّز وإنتاج البولورونات، حيث تتعايش هذه الإلكترونات وموجاتها الضوئية في نوع جديد من أشباه الجسيمات quasiparticle .
تُعتبر البولاريتونات أخف ب 10,000 مرّة من الإلكترونات، ويمكن أن تكون قريبة جدا من بعضها البعض (الدخول في حالة غريبة يعرف باسم تكاثف بوز-أينشتاين a Bose-Einstein condensate)، فتتجمّع وتضيء بطريقة يمكن قياسها.
قام الباحثون بتعيين البولاريتونات على النموذج الكلاسيكي المعروف باسم “نموذج XY – “. يُعتبر هذا النموذج بسيطاً بما فيه الكفاية ليكون ذا فائدة ولكن أيضاً مرناً بما فيه الكفاية لتطبيقه على الكثير من المشاكل المختلفة.
تمكن الباحثون من عرض مجموعة من البولاريتونات التي تتجمع عند نقطة تبين الحل الأسرع للمشكلة المعروضة.
يُعتبر هذا نهجاً جديداً تمامًا بالنسبة للحوسبة الفائقة، ولذا فنحن بعيدين كلّ البعد عن رؤية التطبيق الفعلي.
يقول الفريق إن هناك وعيًا كافياً في النهج مما سيجعله جديرًا بمتابعة دراسته.
تقول “ناتاليا بيرلوف” من جامعة كامبردج في المملكة المتحدة وهي أحد الباحثين: “رفضت قبل بضع سنوات ثلاث مجلات علمية اقتراحنا النظري المحض حول كيفية القيام بذلك”.
تضيف بيرلوف: “قال أحد المدققين: من هو المجنون كفاية كي يحاول تطبيق هذا؟!، لذلك كان علينا أن نفعل ذلك بأنفسنا، وقد أثبتنا الآن اقتراحنا ببيانات تجريبية “.