الغراب
أنا متعب يا أبي ..
أنا متعبٌ من بلادٍ روتْها دماؤكْ.
أنا متعبٌ من وسائدَ محشوّةٍ بالحنين، ومن مطرٍ خبّأتهُ سماؤكْ
ومن حائطٍ علّقوا وجهكَ الحجريّ عليه، ومن ذكرياتٍ تكدّس فيها الغبارْ
ومن لغةٍ، كلّما هزّها شاعرٌ، يسقطُ الشهداء على رأسه كالثمارْ
أنا متعبٌ يا أبي…
علّموني المراثي وماتوا، وقالوا ارثِنا
أو تغنّى بِنا
ثمّ مالوا… ومِلتُ على كسرةِ الميجَنا
أنا متعبٌ من بلادٍ نموتُ بها مرّتينْ
أنا متعبٌ من بقايا زمانٍ يجفُّ على جزمةِ العسكريِّ
ومنْ فرسٍ لا تجفُّ عليها دماءُ الحسينْ
أنا لستُ مِنكم، أسمّي الشهيدَ قتيلًا
أسمّيه ميتًا جديرًا بهذي الحياةِ
وسمّيتموهُ شهيدًا، لأنّكمُ ما تزالونَ يومًا جديدًا على قيدِ هذي الحياةْ
علّموني بأن مقابرَ هذي البلاد جماعيّة مثل أحلامنا وانكساراتنا
علّموني بأنّ التراب يشيرُ إليه الغرابُ
وقالوا ارثِهم يا غرابُ
أنا متعبٌ يا أبي من زغاريدِهنَّ
وأرضي سرابُ
وحنجرتي بعدهنَّ خرابُ.
شاعر فلسطيني
نواف رضوان