لكل شعب بطله المضحك، فللعرب وللأتراك جحا وقراقوش، وللروس بلاكيرف، وللطليان برتولدو، وللإنجليز جو ميلر، وللألمان أو لتشبيكل، الذي جمع نوادره توماس مورنر في القرن السادس عشر، وهي تحكي عن حرب انتقامية شنها فلاح ضد الطبقات الفاسدة المالكين الأشرار.
ودون كيشوت الإسباني وغارغنتوا الفرنسي، كل أمة تبتدع شخصية تمدها بالحكمة والحمق والبلاهة وروح الفكاهة، تنازع الباحثون كونها وهمية وروح الفكاهة، تنازع الباحثون كونها وهمية أو حقيقية، جحانا مثلاُ ادعاه الأتراك، فالخواجة نصر الدين التركي، أو أبو النصر الفزاري العربي قيل إنه عاش في القرن الخامس عشر، وأشار ابن النديم إلى أنه من رجال القرن العاشر، وذكره الميداني وادعاه للأتراك الذين كتبوا سيرته.
وهكذا كانت نوادره من عصور عدة، فقال العقاد إنها استخدمت لأغراض تعليمية، أو انتقادية، وإن الأدب “الجحوي” شاع في عصر النهضة مع شيوع النقد الاجتماعي.
والفكاهي محترف وهاو، تفصل بينهما القدرة على الاستمرار المتّجدد، وقد يكون جريئاً في اكتشاف لون الفكاهة، تلفته النمطية فيكسرها، والبشاعة فيبالغ في نقلها، والتناقض فيصوره، ولأن الناس يلتقون عادة على مقاييس عامة للجمال والقبح يحددها الذوق العام، يأتي الفكاهي مستثمراً القباحة المخالفة للذوق، فيبالغ في نقلها، ويحصل التناقض المضحك، فالطفيلي لا يثير الضحك، ولا يفتق السخرية إذا انسجم انسجاماً كاملاً في جو العرس أو الوليمة، وتخلّق بأخلاق الحضور، وأخضع ذاته لمقاييسهم، لكن طبعه ميال بصورة تلقائية آلية إلى تحقيق الرغبة في التهام الطعام دون أن يأبه لما تآلف عليه المدّعون، وما هو عرف عام في مثل هذه المناسبات.