القيادة دون وعي

فقره2
فقره2

2من اصل3

وحتى مع حدوث تقدم كبير في فهم الانتباه، فلا توجد نظرية متفق عليها على نحو عام تربط بينه وبين الوعي. في حين تساوي بعض النظريات بين الوعي  والانتباه، تدعي أخرى أنهما ظاهرتان مختلفتان تماما؛ ويدعي البعض أنه لا يمكن أن يكون هناك وعي من دون انتباه، في حين يرفض البعض هذا.

توضح ظاهرة القيادة دون وعي على نحو بارز تلك المشكلة؛ إن أي شخص أصبح

سائقا بارعا ربما مر بهذه التجربة الغريبة؛ فأنت عندما تقود سيارتك في خط سير وطريق مألوفين لك متوجها إلى العمل أو المدرسة أو منزل صديق لك، فأنت أثناء قيادتك تبدأ في التفكير فيشيء آخر، وفي وقت سريع جدا، تصل إلى وجهتك؛ أنت تعرف أنك قدت سيارتك حتى وصلت إلى هذا المكان، لكن يمكن ألا تتذكر أي شيء على الإطلاق بشأن هذه القيادة؛ يبدو الأمر كما لو أنك غير واع تماما بالعملية كلها، حتى إن كنت منتبها تماما طوال الوقت.

ما الذي يحدث هنا؟ أحد الاقتراحات تتمثل في أنك كنت منتبها لأحلام يقظتك بدلا  من تجربة القيادة، لكن إذا كان ينظر إلى الانتباه على أنه عملية خاصة بمعالجة الموارد، فإن هذا لا يمكن أن يكون صحيحا؛ ففي تلك الرحلة، ربما تكون قد توقفت عند عدة إشارات حمراء، وتحركت بسيارتك ثانية عندما تحولت الإشارات إلى اللون الأخضر، وتعاملت مع نقاط التقاء الطرق، وحافظت على مسافة آمنة بين سيارتك والسيارة التي تسير أمامك، وعدلت من سرعتك حتى تتناسب مع السير على التلال والمنعطفات، وبطأت من سرعتك عندما رأيت لافتة تحدد الحد الأقصى المسموح به للسرعة، ولوحت كي تشكر شخصا جعلك تمر أولا. كل هذه المهام تحتاج إلى مهارات، فهي تتطلب تنسيقا معقدا بين البصر والسمع والتحكم الحركي وعملية اتخاذ القرار وغير ذلك؛ لهذا فإن النقطة المهمة هنا ليست أن الدماغ لم يكن يولي أي انتباه للمهمة، وإنما أنه كان يفعل تلك بها؛ يبدو الأمر وكأن كل هذا النشاط كان يتم منواعياالمهمة بشكل آلي ولم تكن دونك.

 

m2pack.biz