الكتابة في عصر التواصل السهل
أي مستقبل
4من اصل4
كما أن الانشغال بالصور في الإنستغرام ليس سوى هروب من الكتابة ومحاولة إيجاد وسائل تعبيرية لا تستدعي معرفة واسعة بقواعد اللغة. ومن الخصائص الأخرى التي تميز التواصل عبر هذه المنصات أنها لا تساهم في تبادل منتوج ثقافي مميز لجهة أو بلد، كالتي تحدث أثناء الملتقيات الإبداعية أو المعارض الفنية، بل هي تواصل أفراد لا ينتج في الغالب سوى علاقات أبعد ما تكون عن المثاقفة.
إن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي خلق ثقافة تواصل جديدة ترتكز على اللغة السهلة وخلو المضمون وهو انعكاس لمفعول العولمة الذي يشجع على الاستهلاك لا على الإنتاج الفكري. لذلك أصبح المشهد الثقافي يعيش حالة من العزوف والبؤس، وهو ما يفسر التراجع في إعداد الصحف والكتب التي تباع لأن العصر أصبح عصر التواصل السهل.
لقد أنتج هذا الجيل الجديد من وسائل الاتصال نوعًا جديدًا من القراء الذين لا يقبلون على ما هو عميق وتحليلي بل يفضلون ما هو مختزل ومكتوب بلغة بسيطة بعيدة عن كل نسيج بلاغي أو تكثيف لغوي. وإذا جازت المقارنة يمكن أن نقول إنه مثلما تم التخلي عن الأكلات الدسمة لصالح الوجبات السريعة، وكما سحبت الأغاني الخفيفة السريعة البساط من تحت الأغاني الطربية، ها هي الوسائط الجديدة تجعل الكتب والمجلات على المحك وهو ما يجعل مستقبل الكتابة والثقافة عمومًا غير معلوم في عالم متغير بنسق جنوني.
وسائل الاتصال الجديدة لن تغير فقط من الكتابة بما هي فعل تواصلي بل غيرت من نمط العيش ونمط التفكير