الكيمياء اليومية قميص كرة القدم

ترجمة: ميشيل رحال، الكيمياء العربي
كرة القدمنشاهد جميعنا مبريات كرة القدم مع بداية كل موسوم كروي، ويبدو بأنّه حان الوقت المناسب للتمعن في المواد الكيميائية التي تشكل قميصك لكرة القدم. حتى لو كنت غير مهتم كثيراً بكرة القدم، يبقى هناك فضولاً من وجهة نظر كيميائية لمعرفة مختلف المواد الكيميائية المستخدمة وخواصها التي شكلت القميص النهائي.
في الماضي، قبل أن تستخدم البوليميرات بشكل واسع في الملابس، كانت تصنع قمصان الرياضة من القطن، أو حتى من مواد صوفية. كان لهذه المواد عيباً واضحاً أنها تكون متوضعة قليلاً على الأماكن الدافئة، بالإضافة كونها تمتص العرق، مما يجعل ارتدائها غير مريح. إنّ أول فريق توقف عن ارتداء القمصان القطنية، وارتداء قمصان مكونة من مواد صنعية، هو فريق Bolton Wanderers سنة 1953 في نهائي دوري كرة القدم الانكليزي. للأسف، لم توثق ماهية المادة المستخدمة آنذاك، فقط عرفت على أنّها “مادة لامعة”.
من الصعب معرفة متى أصبح استخدام قمصان البولي إستر شائعاً، لكن بحلول التسعينيات من القرن الماضي، أصبحت قمصان البولي إستر هي الأساس في معظم النوادي. البولي إستر فعلياً هو اسم مجال واسع من البوليميرات؛ البوليميرات هي جزيئات ذات سلاسل طويلة تشكلت من العديد من الجزيئات الأصغر حجماً، غالباً ما تسمى بالمونوميراتmonomers . في حالة البوليميرات البسيطة، كالبولي إيتيلين Polyethylene، فالمونوميرات جميعها متشابهة، لكن في حالة البولي إسترات، هناك الحاجة لنوعين مختلفين من المونوميرات: مركب كحولي وحمض كربوكسيلي. يمكن أن يحدث تفاعل البلمرة بعدة طرق-أكثر الطرق استخداماً هو استخدام ثنائي الكحول (جزيئة لها زمرتي كحول وظيفيتين) وثنائي حمض (جزيئة تملك زمرتي كربوكسيل وظيفيتين). تحدث العملية بواسطة تفاعل تكاثف، معطية الماء كناتج ثانوي.
البولي إيتيلين تيرفتالات، غالباً ما يشار إليه ب PET، هو أكثر البولي إسترات شيوعاً. له مجال واسع من الإستخدام-بدءا من القوارير البلاستيكية، علب الأغذية، الأفلام البلاستيكية، وبالطبع الملابس. لهذا البوليمير ميزات كبيرة حتى يستخدم في الملابس بشكل أكبر من ألياف القطن التقليدية كونها تتميز بأنها تمتص مقادير أقل من المياه. يمكن للقطن أن يمتص ماء حتى 7% من وزنه، في حين تمتص ألياف البولي إستر حوالي 0.4% فقط من وزنه. هذا ما يجعل لاعبي كرة القدم أقل عرضة لأن يغرقوا في ثيابهم أثناء لعبة كرة القدم. بدلاً من ذلك، يتدفق العرق على ألياف القميص ويتبخر، يعود ذلك إلى طبيعة شكل الألياف المفتولة، أو بشكل عام وكأنّ القمصان تستطيع التنفس. هذه الألياف متينة، ولا تتجعد بسهولة.
على الرغم من أنّ بعض قمصان كرة القدم مصنعة 100% من البولي إستر، هناك أيضاً ألياف شائعة الاستخدام يمكن أن تحاك مع البولي إستر للاستعانة بخواصها. يستخدم أيضاً بوليمير الإلاستان Elastane، يعرف تجارياً باسم السباندكس Spandex أو الليكرا Lycra. في الصناعة، يشكل بوليمير بادئ من مركبي الغليكول وثنائي ايزوسيانات، يتم التفاعل بنسبة 1:2. يتفاعل البوليمير البادئ بعدها مع ثنائي أمين، لتشكيل سائل بوليمير الالاستان. ينسج السائل لاحقاً ضمن خلية اسطوانية، وتسخن بحضور غاز النيتروجين، لتحويله لجدائل بوليميرية صلبة.
في حين الإلاستان لا يمكنه طرد العرق كالبولي إستر، فهو يملك خواصاً مفيدة. واحدة منها أنه يستطيع الامتطاط لحوالي 600% من طوله الأصلي قبل أن يتمزق، وهي سمة مفيدة جداً في المباريات الحديثة، حيث أن شد القمصان بين اللاعبين شائع.
النمط الأخير من البوليميرات شائعة الاستخدام في تصنيع القمصان الرياضية، هو البولي يوريتان Polyurethane. مرة أخرى، يعكس هذا الاسم صنفاً معيناً من البوليميرات، أكثر من أن يتحدث عن بوليمير معين، ويدخل هذا الصنف في صناعة كرات القدم. تتشكل البولي يوريتان من مركبين هما الايزوسيانات ومتعدد الكحول. يمكن تغيير الجزء الأوسط من هذه الجزيئات للحصول على أنواع مختلفة من البولي يوريتان بخواص مختلفة. في قمصان كرة القدم، تستخدم هذه البوليميرات لتشكيل الأرقام، الأسماء، المانحين، على الرغم من أنه يمكن استخدام مواد أخرى لهذه الاحتياجات. يتم لصقها بالقميص حرارياً باستخدام جهاز تسخين خاص، وعكس العديد من الأقمشة، تملك هذه البوليميرات القدرة على مقاومة المياه.
بالطبع، على الرغم من أننا ركزنا على قمصان كرة القدم، تتواجد البولي إسترات في معظم الألبسة التي نستخدمها يومياً –تحوي العديد من الملابس نسبة معينة من هذا البوليمير. يعود سبب تألق هذه البوليميرات في تنوع مجالات استخدامها، والمجموعة الكبيرة من التطبيقات المستقبلية.4