اللاشعور الاجتماعي 13من اصل13
ومن أجل الوهم أنه يعمل طوعاً واختياراً يختلق الإنسان تسويغات توحي بأنه يفعل ما يفعله طوعاً واختياراً لأنه عزم على ذلك لأسباب عقلانية وأخلاقية. على أن فرويد لم ينته في الحتمية ولم يزعم أن الإنسان ضعف وحائر أمام القوى التي تتحكم فيه وتؤثر فيه. بل إنه سلم بأن الإنسان يستطيع أن يعرف القوى التي تتحكم به من غير علم منه وأنه يوسع مجال حريته بجعلها شعورية فسيكون في موقع يتحول فيه من دمية عاجزة تحركها قوى لا شعورية إلى إنسان آخر مدرك لذاته وشاعر بها يقرر مصيره بنفسه. وصاغ فرويد هذا الهدف بالعبارة: “حيث كان الـــ”هو” ينبغي أن يصير الأنا”
. إن للرأي القائل إن قوى لا شعورية تؤثر في شعور الإنسان وتتحكم في القرارات التي يتخذها تقليداً في الفكر الغربي يعود إلى القرن السابع عشر.فقد كان سبينوزا المفكر الأول الذي كان له تصور واضح عن اللاشعور. فقد افترض أن الناس “يعتقدون أنهم أحرار لأنه يستشعرون أعمالهم وأفعالهم ويدركونها، على أنهم يجهلون الأسباب التي يتأثرون بها” (. وبعبارة أخرى: ليس الإنسان العادي بحر، بل يعيش في الوهم بأنه حر لأنه يتأثر بعوامل لا يعرفها. وفي نظر سبينوزا تنحصر عبودية الإنسان في هذا الدوافع اللاشعورية. على أنه لم يترك الشيء على ما هو. لقد اعتقد أن المرء يتوصل في النهاية إلى الحرية من خلال ملاحظة متزايدة للواقع في داخل الإنسان وخارجه.