اللاشعور الاجتماعي 16من اصل16
كما أنهم يتوقفون على تطور معين لقواهم الإنتاجية وعلى المعاملة الملائمة لهم في أوسع تكويناتها. ولا يمكن أن يكون الوعي شيئاً آخر إلا الوجود المشعور به، ووجود الناس هو سير حياتهم الواقعية. فإذا ظهر الناس وعلاقاتهم في الأيديولوجية كلها مقلوبين رأساً على عقب كما في حجرة مظلمة فإن هذه الظاهرة لتنجم عن سير حياتهم التاريخي كما تنبثق دورة الأشياء على الشبكية من وظيفتها الحيوية الجسدية مباشرة” . ويتوصل ماركس خصوصاً عند تطبيق النظرية الهيجلية، نظرية “حيلة العقل” على تصوره عن الطبقات الاجتماعية إلى الاقتناع أن للطبقة التي ما وراء الأفراد والمواجهة لهم وجودها المستقل بحيث يكون وجود الفرد وتطوره مقدرين أو مقررين سلفاً من طبقته.
ومن حيث العلاقة بين الوعي واللغة فقد أبرز ماركس الطبع الاجتماعي للوعي: “اللغة قديمة قدم الوعي أو الشعور- اللغة هي الوعي الحقيقي العملي الموجود من أجل الآخرين أيضاً ومن أجلي أنا أيضاً، وتنشأ اللغة، كما ينشأ الوعي، من الحاجة ومن الضرورة إلى الاختلاط بناس آخرين. وحيثما تكون علاقة يكون لي وعي وشعور، وليس للحيوان علاقة بأي شيء، بل لا علاقة له على الإطلاق. وبالنسبة للحيوان فإن علاقته بالآخرين ليست موجودة على أنها علاقة. فالوعي أو الشعور هو إذاً وقبل كل شيء نتاج اجتماعي ويبقى هكذا ما دام هناك بشر. وطبيعي أن الوعي يكون بادئ ذي بدء مجرد وعي حسي بالبيئة الحسية المجاورة ويكون وعياً للعلاقة الضيقة بناس آخرين وأشياء خارج الفرد الذي وعي ذاته. وإنه في الوقت نفسه وعي بالطبيعة التي تواجه الناس بادئ ذي بدء على أنه قوة غريبة جبارة منيعة يتصرف الناس حيالها تصرفاً حيوانياً خالصاً ينبهرون منها مثل البهائم، وعلى هذا فهو شعور حيواني بالطبيعة (وعبادة الطبيعة)…”