المتاجرة بالتكنولوجيا[/caption] صنعت الولايات المتحدة التكنولوجيا وطورتها اليابان وباعتها الصين للفقراء، فيما بنت مصر الهرم، ومجدت النيل، واحتفلت بموالد الأسياد، وعليه يبقى من تاجر في “التكنولوجيات” غني، ومن تاجر في “التاريخ” أصيل، في وقت أصبحت فيه اصطلاحات “الأصالة” و “العراقة” و ” الحضارة” بضاعة راكدة في سوق المال لا تباع ولا تشتري، وأصبح التشدق بها شماعة لتعليق أخطاء الماضي وتكاسل الحاضرة، وغموض المستقبل. عالم 2015 باتت تحركه “المصالح” ويحكمه “المال” وتصاغ قوة الدول فيه بقوة الاقتصاديات وبعيداً عن لغة “السلاح” الذي عشعش فيه “الصدأ” منذ أن ارتقى المال ليصبح المتحكم الأول في سيناريوهات التحالف والصراع بين المجتمعات الدولية المختلفة، بما دفع القوى المنتجة له تلخلق صراعات في المنطقة الاستنزاف هذا الإنتاج الراكد، حتى ولو كان ذلك على حساب أرواح الأبرياء. وإذا كانت المصالح هي الحاكمة، فمصر لديها فرص عظيمة لتحقيق مكاسب كبيرة على صعيد اقتصادها وتواجدها على خريطة الاستثمارات العالمية إذا ما أحسنت الاهتمام بصناعة ” الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات” التي باتت اليوم مكون رئيسي من مكونات التقدم لأي أمة ترغب في أن تنهض باقتصادها، وسط معطيات دولية تؤكد انتقال العالم نحو المجتمعات التكنولوجية المتكاملة التي تتعامل بمنطق لا يحكمه “الورقة والقلم”. فأبجديات الاقتصاد تؤكد أن طبيعة مصر كدولة نامية تحتم عليها الاهتمام بالأنشطة الإنتاجية والاستثمارية ذات القيمة المضافة المرتفعة ويأتي في مقدمتها “تكنولوجيا المعلومات” وما تضمنته من أنشطة إنتاجية مختلفة، وتجارب الدول الصاعدة تؤكد أن باكورة أي عمل تنموي تبدأ بتهيئة بيئة تكنولوجية مواتية لعملية الاستثمار، وزيادة وتيرة العمل بالأنشطة التكنولوجية التي تلعب دوراً ذي حدين الأول يتعلق بتحقيق قيمة مضافة عالية تساهم في صعود الناتج المحلي الاجمالي وتحقيق أقصى معدلات النمو فيه، أما الثاني يتعلق بانعكاس هذه التكنولوجيا على حياة الأفراد وتحسين نوعيتها من خلال إتاحة خدمات ميسرة ونظم تعليمية جيدة، وتواصل دائم بين قنوات اتخاذ القرار وتنفيذه، فضلاً عن تحسين الأداء الإنتاجي بشكل عام. ونذكر هنا “التجربة الهندية” في الصعود الاقتصادي والتي أثبتت نجاحاً كبيراً على مدار السنوات الخمس الأخيرة، فالتجربة الهندية قامت في الأساس على أنشطة إنتاجية تتمتع فيها بميزة نسبية مرتفعة وإلى جوار الاهتمام بهذه الأنشطة بدأت في تدشين بنية تكنولوجية ونظم أعمال مطورة جذبت إليها قادة ورواد تكنولوجيا المعلومات في العالم، حتى أصبحت الهند في العقد الحالي واحدة من أبرز الواجهات الاستثمارية المفضلة لدى رواد التكنولوجيا العالميين الأمر الذي دفع لاحتدام المنافسة على تقديم الخدمات التكنولوجية هناك، حتى أصبحت خدمات الاتصالات والمعلومات التي يتمتع بها المواطن الهندي هي الأرخص سعراً على مستوى العالم فضلاً عن جودتها غير المشكوك فيها، وهذه التجربة بالصدفة تشكل جزء رئيس من عقل الوزير الحالي لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المهندس ياس القاضي والذي صرح لي بها أثناء حوار معه. فمصر تستطيع من خلال عدة مقومات أن تحقق طفرة كبيرة في القطاعات التكنولوجية المختلفة وأهم هذه المقومات العنصر البشري الذي يلعب الدور الأكبر ويمثل المدخل الإنتاجي الأعلى سعراً بين مدخلات العملية الإنتاجية في القطاعات التكنولوجية، فدولة الـ 90 مليوناً تزخر بقوة شابة كبيرة تمثل نحو 60 % من سكانها، وتنفرد بمستويات أجور تنافسية مقارنة بالأسواق المنافسة فتكلفة العمالة في مصر وفقاً للبنك الدولي لا تتخطى 40 % من تكلفتها في منطقة]]>