المجالس النيابية 7من اصل7

المجالس النيابية 7من اصل7

المجالس النيابية 7من اصل7
المجالس النيابية 7من اصل7

ونلاحظ فيما يخص المجالس النيابية أن نجاح خطاب ما يعتمد تقريبًا بشكل كلي على الهيبة الشخصية للخطيب، وليس أبدًا على الحجج أو المقترحات التي يحتويها.

فالخطيب المجهول يصل إلى البرلمان بخطاب مليء بالحجج العقلانية والمقترحات الجيدة ولكن ليس له أي حظ في أن يستمع إليه إذا ما اكتفى بذلك.

وقد كتب نائب سابق هو السيد ديكوب السطور التالية وقدم لنا صورة عن الخطيب الذي لا يتمتع بهيبة شخصية. قال:

“عندما جلس على المنصة أخرج من حقيبته إضبارة ونشرها بتؤدة أمامه وابتدأ الكلام بكل ثقة.

وشعر بالزهو لأنه نقل إلى نفوس السامعين تلك القناعة التي تعمر صدره. ثم درس حججه وأعاد دراسته مرارًا وتكرارًا، وكانت مليئة بالأرقام الدقيقة والبراهين. وكان واثقًا من أنه على حق. وكل اعتراض على البراهين التي يقدمها راح يبدو عبثيًّا لا معنى له. وابتدأ كلامه وكله ثقة بأحقية موقفه وبمقاصد زملائه أيضًا، هؤلاء الزملاء الذين ينتظرون شيئًا واحدًا هو: الانحناء أمام الحقيقة.

وراح يتكلم ويتكلم، ولكنه دهش فجأة لصدور حركة عن القاعة وشعر بالانزعاج لهذه الضوضاء الصادرة.

راح يتساءل: لماذا لا يستتب الصمت؟ لم هذه اللامبالاة العامة تجاه خطابي؟ بم يفكر إذن أولئك النواب الذين يتحدثون فيما بينهم؟ ما الباعث الملح إلى مثل هذا الحد والذي يجعل النائب الفلاني يترك مكانه؟

وهكذا خيم القلق على جبينه، وقطب حجابيه وسكت. ثم شجعه الرئيس فانطلق من جديد ورفع صوته. ولكن إصغاءهم له انخفض أكثر. فشدد لهجته وراح يهيج ويثور، ولم ينفع ذلك في شيء فقد ازدادت الضجة حوله. ولم يعد يسمع حتى نفسه فتوقف من جديد. ولكنه خشي من أن يؤدي صمته إلى إثارة الصرخة المشهورة: أقفلت الجلسة! فانطلق بقوة من جديد، ولكن الضوضاء أصبحت لا تحتمل”.

إن المجالس النيابية إذا ما وصلت إلى درجة معينة من الهيجان تصبح مشابهة للجماهير العادية غير المتجانسة، وبالتالي فإن عواطفها تتميز دائمًا بالتطرف. فنحن نجدها أحيانًا تنجز أفعالًا بطولية، وأحيانًا أخرى ترتكب أبشع الأعمال. فالفرد يبطل عندئذ أن يكون ذاته ويصوت على القرارات الأكثر تعارضًا مع مصالحه الشخصية.

 

m2pack.biz