يعتقد بعض الخبراء أن من يعيشون في أماكن مزدحمة يحتاجون إلى مساحة اجتماعية- أي مسافة فاصلة عند الوقوف- أقل من تلك التي يحتاجها من يقطنون الريف. وهكذا، نجد- على سبيل المثال- أن مندوب المبيعات الذي يعيش في المدينة وهو يحاول ترويج بضاعته إلى أحد المزارعين عليه أن يقف على مسافة أبعد من تلك التي تفصل بينه وبين عميل يعيش في المدينة. ولكن هذا لا ينطبق على جميع الأحوال بالطبع؛ حيث إن حقيقة اعتياد ساكني المدن على مساحات بعضهم الاجتماعية لا تنفي قيامهم بالدفاع عن هذا الحق بمجرد سلبه منهم. وتكون وسيلتهم في الدفاع رمق المعتدي بنظرة غاضبة تعطيه انطباعاً بأن المعتدى عليه قد لاحظ اقترابه وأن عليه أن يحذر من الاقتراب أكثر، قد يشعر من يعيش في الريف بعدم الارتياح والتردد في كيفية التعامل مع هذا الأمر، ولكن استجابته تكون أقل حدة من رد فعل ساكن المدينة.
كما يتضح من الصورة، هناك حوار يدور بين ثلاثة زملاء في العمل. تلتزم (أ) بالقواعد فلا تتعدى حدود المنطقة الاجتماعية؛ وهو أمر مقبول عند وجود ثقة متبادلة بين زملاء العمل. ولكن، نجد (ج) قد تخطى المسافة غير المرئية التي يجب أن تفصل بينه وبين (ب).
أدى ذلك إلى شعور (ب) بعدم الارتياح من وقوفها بالقرب من (ج) مما جعلها تمشي بعيداً عنه وتوجه حديثها كله إلى (أ). فهمت (أ) سبب رد الفعل هذا التي قامت به (ب) وحاولت ألا تزيد الأمر سوءاً عن طريق الوقوف على حافة المنطقة الاجتماعية وعدم تعديها. إذا حدث ووجدت نفسك في موضع مماثل لوضع (ج) اسأل نفسك هل السبب في ذلك تخطيك المسافة الفاصلة بينك وبين أحد الأشخاص.