“المسز” ريفز والأخوت الذي فتنه هتلر!
لم يمرّ الخبر مرور الكرام وكان أقرب إلى الصاعقة، إذ إن المعني هُنا شخصيّة “مش حبتين” في التاريخ. وعندما تناولته وسائل الإعلام هذا الصباح، كَثُرت التساؤلات وانتشرت “الهَمهمات”، وأعيد فتح “ملف” أحد أكثر رجال القرن ال20 غرابةً وشهرةً! رجل “ارتدى” طوال أعوام طويلة “ثوب الإبداع المجنون”، و”زيّنت” وجهه تعابير “راعِبة” ومُقلقة… و”هالعينين المفنجرين”… و”هالشوارب المفتولين”!
نعم، لم يمرّ الخبر مرور الكرام. وكان السؤال المحوريّ الذي هَمَسته “الألسنة الحشّورة”، واحداً: “من تكون الليدي ريفز”! التي رسمها هذا الرجل الذي آمن حتى آخر يوم في حياته بأنه تقمّص روح شقيقه الميت، و”فوق هيدا وكلّو”، يُقال عنه إنه، في طفولته، كان يُهاجم الناس بلا سبب، وعاش ما يُشبه الهوس والافتتان المُفرط بأدولف هتلر؟
الخبر كان واضحاً، “تمكّن مكتب مُكافحة جرائم السرقات الدولية في وحدة الشرطة القضائيّة من استعادة لوحة Lady Reeves للفنان الشهير سلفادور دالي والتي تُقدّر بملايين الدولارات، وذلك في إطار عمليّة مُكافحة جرائم سرقة المُمتلكات الأثريّة والاتجار بها”.
انتشر الخبر، ونُشرت مئات الصور عن اللوحة التي تُجسِّد السيّدة المُتحفظة والباردة حتى الأناقة!
لوحة تُقدّر بملايين الدولارات سُرقت ثم استعادتها المُديريّة العامة لقوى الأمن الداخلي في محلتي الكولا ودوحة عرمون!
“الليدي ريفز وسلفادور دالي” في جُملة واحدة!
سلفادور دالي الرسّام السرّيالي الإسباني الذي ذاع صيته لنقله “هذيانه”، “هلوساته”، وأحلامه إلى لوحاته التي يصعب نسيانها، “مش حبتين” في التاريخ. حياته، يوميّاته، فنّه، شخصيّته، عاداته الأسطوريّة (والمُثيرة للهلع!)، زواجه، “شعطته”،”هذيان النظرة في عينيه”، “ضربة” فُرشاة الرسم بين يديه، اعتقاداته… عناصر تصبّ في إطار واحد: التعالي على كل ما هو عاديّ وتحويل الجنون (ولمَ لا الهستيريا) إلى قصّة إبداعيّة تُروى!
لكن من هي “الليدي ريفز”، و”شو كانت عم تعمل” في مُحترف هذا العبقري الذي ضحك على الأيام وعلى الكلاسيكيّة و”رمقها بنظرة مُهدّدة”؟ وكيف تجرأت أن تضع أناقتها “الخالية من الخطأ”، وجمالها البارد وتكاوينها “المَرسومة رسم”، ونصف الإبتسامة غير المُتكلّفة والسعيدة “على الأرجح”، بين يديّ هذا “الأخوت” الذي قال ذات يوم بلا مُبالاة “دراماتيكيّة”، “أنا لا أحتاج إلى المُخدرات، فأنا (يا جماعة) شخصيّاً المُخدرات”!
مئات المواقع في شبكة الإنترنت تُرفق صورة اللوحة التي تقوم اليوم بزيارة “مُدوية” من التاريخ، بعنوان Mrs. Reeves وليس Lady Reeves كما دوّنت المواقع المحليّة.
هي لوحة زيتيّة تندرج في إطار السرياليّة ويُقال إن “الأخ” دالي رسمها في العام 1954.
تظهر فيها سيّدة طويلة، أنيقة، يميل عُنقها إلى الوراء “شي ما بينذَكر”، تحمل بيدها وبقليل من “الاستلشاء”، وردة حمراء اللون (يُمكن أن تكون زهرة!)، وترتدي فُستاناً بنيّ اللون مصنوعاً على الأرجح من “الساتان”، وفيه “طيّات” وثنيات “تنساب” في كل الإتجاهات، و”تحضن” العُنق: الدُرر، عشرات الدُرر… وهذا التحفّظ “الشهيّ” في تعابير الوجه، وهذا الشعر “الضارِب إلى احمرار”!
أمّا الديكور الخلفيّ فهو “داليّ” الطلّة بإمتياز ويستريح على هذه السرّياليّة “الشاهِقة” بقدرتها على استحضار الهلوسات، والمينيماليّة أيضاً… وهذا الحصان غير المُروّض الذي يرقص بجموح خلف “المسز ريفز”!
يقال أنّ المسز ريفز لم تدفع لسيلفادور دالي ثمن هذا البورتريه الشهير وهرّبت باللوحة. ولكن الفنان “ضَل عينه فيها” واصيبت لوحة المسز ريفز بلعنة. واختفى اثرها الى أن ظهر هذا الخبر صباح اليوم.
هذا كل ما نعرفه عن السيّدة التي خلّدتها فُرشاة رسم ذاك “الأخوت” الذي ولد عام 1904 وتوفي عام 1989، ومع ذلك، لا يملّ التاريخ من استحضار روحه المُتمرّدة التي ضحكت على الحياة…. والموت.
ولكن، من هي “المسز ريفز”، صاحبة الأناقة المُتحفظة التي تجرّأت أن تضع جمالها الكلاسيكيّ بتصرّف “صاحب الشوارب المفتولة”، ليُخلّدها في بورتريه يزورنا اليوم من التاريخ؟
Hanadi.dairi@annahar.com.lb