إن المصادر الدولية للقانون النووي تتكون من مجموعتين من المصادر: المجموعة الأولي هي المصادر الرسمية أو الأدوات القانونية التقليدية للقانون النووي، أي الاتفاقيات أو الاتفاقيات الثنائية، أو الاتفاقيات الدولية التي يتم إبرامها تحت رعاية المنظمات الدولية المتخصصة. وتشكل هذه الاتفاقيات “القانون الجامد” للقانون النووي.
ويمكن أن تشير إلي الاتفاقيات الدولية في مجال الطاقة النووية: اتفاقية الأمان النووي, والاتفاقية المشتركة لأمان وإدارة الوقود المستهلك, وأمان إدارة النفايات الإشعاعية عام 1997، واتفاقية المساعدة في حال الحوادث النووية، والطوارئ الإشعاعية واتفاقية الإبلاغ المبكر عن الحوادث النووية عام 1986، واتفاقية الحماية المادية للموارد النووية عام 1980. وتوجد طاقة أخري من الاتفاقيات خاصة بالمسئولية المدنية النووية، وهي: اتفاقية فيينا عام 1996، واتفاقية باريس 1960، وبروتوكول تعديل اتفاقية فييا 1998، واتفاقية التعويض التكميلي للأضرار النووية عام 1998، والبرتوكول المشترك بشأن تطبيق اتفاقية فيينا واتفاقية باريس 1992.
وتحظي الاتفاقية الدولية بأهمية خاصة في القانون النووي. وهذه الأهمية تترجم قانوناً بعلو هذه الاتفاقيات علي القانون الوطني. وتحرص التشريعات في المجال النووي علي تأكيد احترام الالتزامات الدولية، بل وتؤكد بعض القوانين تطبيق أحكام المعاهدات الدولية الصلة في حال تعارض أحكام القانون الداخلي معهما.
أما المجموعة الثانية فهي المصادر غير الرسمية وهي مصادر غير ملزمة، وتشكل ما يسمي القانون الناعم للقانون النووي.
وهذه المصادر عبارة عن توصيات المنظمات الدولية، ومنشورات اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع. وتتمتع هذه المصادر بقيمة كبيرة؛ لأنها أعدت في وقت مبكر، ويتم تحديثها باستمرار، وتستهدي بها الدول في تشريعاتها، وتستخدم كإطار لبعض الاتفاقيات الدولية.
علي صعيد الواقع فإن الحوادث النووية يمكن أن تسبب مخاطر جسيمة علي البيئة، وفي المقابل فإن الطاقة النووية لا تسهم في ظاهرة تغير المناخ أو ارتفاع حرارة الجو، كما أن الإشعاعات الصادرة من المفاعلات لا تسبب أضرار للإنسان، أو الممتلكات، أو البيئة مادامت في الحدود المسموح بها. وعلي الصعيد القانوني تبدو العلاقة بين القانون النووي وقانون البيئة علاقة تكامل أكثر منها علاقة مواجهة؛ فيقدم كل منهما مساهمته للآخر.
مساهمة القانون النووي في المحافظة علي البيئة إن القانون النووي، بوصفه مجموعة قواعد تستهدف التحكم في المخاطر المرتبطة باستخدام الطاقة النووية، كان عليه أن يخرج علي القواعد العامة من أجل المحافظة علي البيئة. فالقوانين الوطنية تؤكد، كما قدمنا، أن هدفها المحافظة علي الصحة، وأمن الأفراد، والممتلكات، والبيئة.
كما أن الاتفاقيات الدولية الخاصة بالأمان النووي والاتفاقية المشتركة تجعلان أيضاً حماية البيئة من ضمن أهدافها الرئيسية. فالمادة الأولي من اتفاقية الأمان النووي عام 1994 تنص علي أن من أجل حماية الأفراد والمجتمع والبيئة من الآثار الضارة للإشعاعات المؤينة التي تنبعث من هذه المنشآت.
ففي مجال الأمان النووي فإن الاهتمام يتركز حول اتخاذ الإجراءات الوقائية من أجل الحد من مخاطر الحوادث كلما التقدم التكنولوجي يؤدي إلي ذلك.
ومن هذه الإجراءات، علي سبيل المثال:
الاختبارات المستمرة للأمان، والدفاع في العمق، ونظام التصاريح، ووضع نظام للتدخل في حال وقوع حادث، ومبدأ استرجاع الخبرة.
وفي مجال الوقاية من مخاطر الإشعاعات المؤينة فإن القانون النووي يأخذ مبدأ التناسب الذي يترجم بفرض قيود علي تعرض الجمهور والعمال لهذه الإشعاعات وفقاً لمبدأ التبرير، ومن ثم يتم إجراء وزن للمزايا الاقتصادية والاجتماعية وغيرها مقارنة بالأضرار الصحية المحتملة للتعرض. ويمكن أن نشير أيضاً إلي مبدأ “الحد الأمثل من جرعات الإشعاع” الذي يستهدف المحافظة علي الجرعات في المستوي الأكثر انخفاضاً بقدر الإمكان أخذاً في الاعتبار العوامل الاقتصادية والاجتماعية.