“المفروزون أمنيا” شوكة جديدة في ظهر الحكومة التونسية
تتصاعد أزمة ما يسمى “المفروزين أمنياً” في تونس، بعد تواصل إضراب 12 شخصا منهم عن الطعام، لأكثر من 41 يوما، وتتوالى المظاهرات في الشوارع الرئيسية بمعظم المدن بسبب تراجع الحكومة عن وعدها لأكثر من 700 شخص بتشغيلهم نتيجة وجودهم على قوائم أمنية خاصة من فترة حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
وقال شريف خرايفي عضو باللجنة الوطنية لإنصاف قدماء الاتحاد العام لطلبة تونس والمعطلين عن العمل، في تصريح ل”سبوتنيك”، “بعدما اتفقنا مع الوزير مهدي بن غريبة، يوم الاثنين الماضي، على إرسال التقرير النهائي الخاص بحالات المفروزين أمنياً، إلى الحكومة للبت فيه، ولكن الوزارة أرسلت تقريرا أحادي الجانب، لم يطلعنا الوزير على فحواه، رغم أننا جهة رسمية مشكلة من رئاسة الحكومة، ولدينا إثباتات أنه تم التلاعب في القائمة، وربما أقحموا أسماء لا علاقة لها بالملف النضالي الطلابي أو الاجتماعي”.
مشاركة النواب لتوفير مساعدات للمتضررين من الثلوج في تونس
وتابع “تم التصعيد من جانبنا، و12 عضوا بالاتحاد العام لطلبة تونس، واتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل، مضربين عن الطعام لأكثر من 40 يوم، وكل يوم مسيرات في الولايات والعاصمة تونس، لأجل هؤلاء المناضلين، الذين لا يطلبون هبة من أحد، ولكنهم تعرضوا لأزمات بسبب مواقفهم الوطنية، ويستحقون الحصول على حقهم البسيط في رد الاعتبار عبر التشغيل”.
وعن بداية قصة المفروزين أمنيا، قال شريف خرايفي “هي صفة أطلقت على نشطاء الاتحاد العام لطلبة تونس، ونشطاء اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل، الذين نشطوا في فترة حكم زين العابدين بن علي، وعوقبوا وحرموا من حقهم في العمل بسبب مواقفهم النقابية، داخل الجامعة في صفوف الطلبة، وخارج الجامعة في النضال الاجتماعي”
وأكد خرايفي أن هؤلاء قضوا سنوات طويلة محرومين من العمل، مضيفاً “بعد الثورة، الأحزاب التي وصلت للحكم سنت قوانين على مقاسها، شغلت ووظفت الآلاف الموالين لهم، في إطار العدالة الانتقالية، وهذا طبعا حق لا جدال فيه، بقي نشطاء الاتحاد العالم لطلبة تونس ينتمون للنضال الطلابي الاجتماعي والديمقراطي، ليس لهم موالاة لمن هم في الحكم، وحرموا من حقهم”.
تفكيك خلية إرهابية من 13 شخصا في تونس
وأردف “الملف المركزي الذي قاد الثورة هو التشغيل، وكان من الواجب حله، ومع ذلك كل عام يزيدون في قوانين تعمق جراح المعطلين، وآخرها توصيات صندوق النقد الدولي، لوقف التوظيف في القطاع العام والحكومة”.
وعن تاريخ الأزمة، قال شريف خرايفي “المتضررون قاموا بإضرابات عن الجوع في عام 2015، ووزارة الداخلية اعترفت أنها أقصت البعض على خلفية نشاطاتهم النقابية والسياسية داخل الجامعة، الخطوة تلك جعلت نشطاء من أعضاء المنظمتين بتجميع الملفات الخاصة بقدماء المعطلين، ووصلت لأكثر من 700 شخص، واتصلوا بالحكومة والبرلمان والهيئات المعنية، وطلبوا أن يتم إنصافهم”.
وتابع “وقع تنسيق تحركات احتجاجية في سبتمبر(أيلول) 2015، انتهت إلى اتفاق مبدئي مع الحكومة، تم توقيعه في قصر الحكومة، بحضور نواب البرلمان، يقضي بتسوية حالات هؤلاء المفروزين في خلال 6 أشهر، وتكونت لجنة حكومية معنا، لمراجعة ملفات كل هؤلاء الأشخاص، الذين قدموا مستندات تثبت الطرد أو السجن الذين تعرضوا له، أو الملاحقة أو مجالس التأديب، أو الحرمان من التشغيل، أو التسريح القسري لمن تحصلوا على فتات من العمل”.
وأضاف “حدثت بعض المناوشات مع الحكومة، ولكن تدخلت وزارة حقوق الإنسان في الحكومة السابقة، ودعمت حقنا، وانتهت جلسات الاستماع في يونيو(حزيران) 2015، وبدأت ممارسات المماطلة والتسويف، خاصة بعد الحكومة الجديدة، وفي سبتمبر عادت الحكومة لفتح الملف، وشهدنا ماراثون جلسات لمراجعة كل حالة مع وزارة الداخلية، ووزارة الداخلية اعترفت بوجود ملاحظات أمنية على بعضهم، وتسبب ذلك في حرمانهم من العمل سابقاً، بقرار أمني وسياسي”.
وأردف “اللجنة وجدت أن وزارة الداخلية حرمت المئات من السجناء من حقهم، ومنهم من هو حاصل على بطاقة العفو العام، ولو كان ينتمي لحركة النهضة، أو لأحزاب حكومة الترويكا التي حكمت بعد الثورة التونسية، لتمت ترقيتهم، وتسوية المسار المهني لهم، وحصلوا على تعويضات خيالية مثلما حدث مع النهضة الذين أفرغوا ميزانية الدولة. ومع ذلك لم يطلب اليسار مثل تلك التعويضات، ويكفيهم الحرية السياسية”.
وقال خرايفي في نهاية حديثه “قدمت اللجنة طعنا على توصيات الداخلية، وشارك معها الاتحاد العام التونسي للشغل، مع الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، الذين أثبتوا ما تعرض له المفروزون من ملاحقة أمنية، وقدموا شهادات بذلك، واعترفت بها وزارة حقوق الإنسان، وسيستمر النضال من أجل تشغيل هؤلاء، واليوم ستكون هناك مظاهرة كبرى في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس”.