المنفعة

المنفعة
المنفعة

 

ليس من الضروري أن نطنب في بيان تأثير المنفعة في تكوين آرائنا؛ ذلك لأن هذا الأمرشيء مسلم به، ويمكننا أن نعتبر أكثر الأشياء من عدة وجوه؛ أي من حيث المنفعةالعامة، أو من حيث المنفعة الخاصة.وللمنفعة ما للحرص من قدرة على تحويل ما يلائمها إلى حقيقة؛ ولذلك فهي فيالغالب أقوى من العقل حتى في المسائل التي يظهر أن العقل هو المهيمن عليها. خذ الاقتصاد السياسي مثلا تر أن مبادئه المختلفة مشبعة من البحث في المنفعة الشخصيةالعلل الباطنية للآراء والمعتقدات بحيث نستطيع أن نقدر بها مقدما ميل الرجل ذي المهنة المعينة إلى نظام حرية المبادلة،أو نظام الحماية.وتقلبات الرأي تتبع تقلبات المنفعة بحكم الضرورة، فالمنفعة الشخصية هي العاملالأصلي في الأمور السياسية، فالنائب الذي انتقد ضريبة الدخل بما أوتي من قوة لا يلبثأن يدافع عنها بعزم لا يقل عن السابق عندما يأمل أن يصير وزيرا، وكذلك الاشتراكيونفإنهم يصبحون محافظين بعد أن يغتنوا.ولا يقتصر أمر المنفعة على تكوين الآراء، بل إنها بعد أن تستفزها الاحتياجاتتضعف أدب الإنسان وحسن سيرته؛ فالقاضي الذي يطمع في الرقي، والجراحي الذي يعمل عملية جراحية لا تفيد، والمحامي الذي يزيد الدعوى تعقيدا، تنحط أخلاقهم أكثر من ذي قبل عندما يحرك احتياجهم إلى النفائس منفعتهم.وشأن المنفعة الأدبية هو كشأن المنفعة المادية في تكوين الآراء، فإذا أوردنا عزة النفس المكلومة مثلا  نرى أنها تولد أحقادا شديدة، وما ينشأ عن هذه الأحقاد من آراء،فمصدر حقد أبناء الطبقة الوسطى على الأشراف وانتقامهم منهم أيام الثورة الفرنسويةهو على الخصوص ازدراء هؤلاء لأولئك في العهد السابق، ولو أدرك (مارا)- الذي انتقملنفسه من سادته السابقين – و(هبرت)- الذي أوجب قطع كثير من الرؤوس بعد أنكان ملكيا متحمسا – دور الإمبراطورية ونالا فيه وظائف وألقابا لأصبحا كخصومهامن المحافظين المتأججين.

 

m2pack.biz