الموضوع ٢١-٤ عبقرية البالغين 6من اصل12
سعى ” مالكولم جلادويل” (في صحيفة نيويوركر الثاني من أغسطس ١٩٩٩ صفحة ٥٦-٦٥: “العبقري بطبيعته”) لاكتشاف تفسير عام لعبقرية جراح الأعصاب
(“تشارلي ويلسون”) ولاعب الهوكي (“واين جريتزكي”) وعازف التشيلو (“يو يو ما”) واكتشف أن القدرة التقنية أو المهارة لم تكن كافية لتحقيق العظمة في أداء
المهام البدنية المعقدة: “تلك القدرات… تكون غير ذات جدوى إن لم تمتلك نوعية الشخصية المناسبة… العقلية العملية المهووسة باحتمالية وعواقب
الفشل” (صفحة ٦٠). ويستشهد بما قاله “تشارلز بوسك” عالم الاجتماع من جامعة بنسلفانيا:
عندما كنت أعقد مقابلات مع الجراحين المطرودين من عملهم اعتدت ترك المقابلة وأنا أرتجف… فكنت أسمع تلك القصص الرهيبة عن الأخطاء التي ارتكبوها
ولكنهم لم يدركوا أنهم أخطأوا. خلال لقاءاتي بدأت بتطوير ما اعتقدت أنه مؤشر على ما إذا كان الشخص الذي أمامي سيصبح جراحًا جيدًا أم لا. كان الأمر
يتعلق بسؤالين بسيطين: هل ارتكب أخطاء من قبل؟ وإن فعل فما الخطأ الأكبر من بينها؟ ومن قالوا: “يا إلهي! لم أرتكب خطأ من قبل” أو “لقد حدثت بعض
الإخفاقات ولكن لأسباب خارجة عن إرادتي” – كانوا هم أسوأ المرشحين. أما من كانت ردودهم كالتالي: “أنا أخطئ طوال الوقت وآخر خطأ ارتكبته هو ذلك الخطأ
الرهيب بالأمس” فكانوا أفضل المرشحين حيث إنهم يمتلكون القدرة على إعادة التفكير في جميع ما فعلوه وتخيل كيف يمكنهم فعله بطريقة مختلفة.
اكتشف “جلادويل” أن هؤلاء العباقرة الثلاثة قد زادوا من ساعات تدريبهم على المهارات الأساسية في سعي مخلص لتحسين أدائهم جزئيًّا ونتج عن هذا النوع من
الاستعداد المكثف أمران: الأول أنه خلق ثبات الأداء المستمر… والأمر الثاني والأهم أن التدريب يغير من طريقة رؤية المهمة فما يفعله أساتذة لعبة الشطرنج
على سبيل المثال هو أنهم ينظرون إلى المباراة التي تجري أمامهم لثوان معدودة ثم يعيدون تخيل مواقع القطع على رقعة شطرنج خالية. ليس هذا لأن أساتذة
الشطرنج يملكون ذاكرات حديدية (لا يمكنهم فعل الأمر ذاته عندما ينظرون لتوزيع عشوائي للقطع)