النسبية سيئة أم ضارة؟

النسبية سيئة أم ضارة؟

النسبية سيئة أم ضارة؟

النسبية هي أمر حتمي من أجل وجود التصرفات البشرية من الأساس. فنحن لن نتمكن من الاختيار أو التساؤل أو المقارنة بين أي شيء إذا لم يوجد ما نقارنه به. ولكن ما هي مشكلة النسبية؟ يقول الكاتب أنه كان مع صديق له ذات يوم، فأخبره أن موظفا بشركته أتى إليه يشتكي صغر مرتبه أمام مرتب زميل له في شركة أخرى. عندما سأله المدير عن المبلغ الذي كان يتوقعه عندما قدم إلى العمل هنا أول يوم، فأخبره أن توقعه كان أقل من المرتب الذي يأخذه الآن بحوالي ثلاث مرات! أي أن مرتبه فاق توقعاته بثلاثة أضعاف! لماذا من الممكن أن يشتكي إذا؟!
هذه هي مشكلة التصرفات البشرية عندما نتركها للنسبية تماما. فما حدث في هذا المثال هو أن الموظف – رغم علو مرتبه – قارنه بمرتب شخص آخر فشعر بأنه أقل منه قدرا. وقد سببت مشكلة كهذه بالذات أزمة كبيرة عام 1993، حيث أجبرت الحكومة الشركات بالكشف عن راتب مدرائها التنفيذيين. كان الغرض من هذه الأوامر أن يرى المدراء التنفيذين ذوي الرواتب العالية الرواتب التي يتقاضاها من هم أقل منهم. لكن ما حدث كان كارثيا بحق. التصرفات البشرية لم تعمل كما توقعتها الحكومة حينها، بل حدث العكس تماما. قام المدراء التنفيذيين ذوي الرواتب القليلة بالاحتجاج على رواتبهم هذه وطالبوا بزيادتها حتى نالوا ما حصلوا. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أصبحت المرتبات تزداد بجنون حتى أصبح الفرق بين مرتب المدير التنفيذي عام 1993 حوالي 95 مرة أعلى عن عام 1967!
فالنسبية إذا تساعدنا على اختيار القرارات و التصرفات البشرية المختلفة. ولكن إذا تُركت هذه المقارنات بدون رقابة من أنفسنا عليها، سيتحول الأمر إلى كارثة ربما لا نتحمل عقباتها لاحقا.

m2pack.biz