النفط يصعد بفعل تراجع الدولار وتحركات محتملة لتعزيز السوق
ارتدت أسعار النفط عن خسائرها واتجهت إلى الصعود أمس مع تراجع الدولار لتبقى قرب مستوياتها المرتفعة التي سجلتها في الجلسة السابقة بفعل محادثات محتملة بين المصدرين لبحث سبل دعم السوق التي ما زالت تعاني وفرة المعروض من الخام.
وبحسب “رويترز”، فقد ارتفع سعر العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 26 سنتا أو 0.56 في المائة إلى 46.30 دولار للبرميل بعدما بلغ أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع في وقت سابق من الجلسة عند 46.66 دولار للبرميل.
وبلغ سعر خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 43.83 دولار للبرميل مرتفعا 34 سنتا أو 0.78 في المائة بعدما لامس أعلى مستوى له منذ 25 تموز (يوليو) عند 44.17 دولار للبرميل.
وصعد الخامان القياسيان أكثر من 4 في المائة أمس الأول بعدما قال المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية “إن منتجي النفط سيناقشون أثناء اجتماع الشهر المقبل في الجزائر تحركا محتملا لتحقيق استقرار أسعار النفط”، متوقعا تسارع تصريف المخزون في كل أنحاء العالم، ما سيدعم أسعار الخام.
ومن المنتظر أن يعقد منتدى الطاقة الدولي – الذي يجمع المنتجين والمستهلكين – في الفترة من 26 إلى 28 أيلول (سبتمبر) في العاصمة الجزائرية، وأشار الفالح إلى أن المملكة – أكبر مصدر للنفط في العالم – تراقب السوق عن كثب وقد تعمل مع منتجين من داخل “أوبك” وخارجها لاتخاذ إجراءات تساعد على استعادة توازن السوق إذا استدعت الحاجة.
وتوقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن انخفاضا في إنتاج النفط في الولايات المتحدة في 2016 سيكون أصغر حجما مما توقعته قبل شهر، مشيرة إلى أن زيادة في عدد منصات الحفر ستؤدي إلى ارتفاع الإنتاج في وقت لاحق هذا العام.
وفي توقعاتها للطاقة للأجل القصير قالت الإدارة التابعة لوزارة الطاقة “إن إنتاج النفط الخام الأمريكي في 2016 سينخفض بمقدار 700 ألف برميل إلى 8.73 مليون برميل يوميا بعد أن كانت قد توقعت في تقديراتها السابقة أنه سيهبط 820 ألف برميل إلى 8.61 مليون برميل يوميا”.
وقال آدم سيمينسكي منسق إدارة معلومات الطاقة في بيان “إنه بعد هبوط حاد على مدى العام المنصرم في إنتاج النفط الأمريكي فإن زيادة في عدد منصات الحفر النفطية أخيرا من المتوقع أن تسهم في ارتفاع شهري مطرد لإنتاج النفط بدءا من خريف هذا العام”.
ووفقا لتقرير من شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية فإن عدد منصات الحفر النفطية في الولايات المتحدة سجل زيادة للأسبوع السادس على التوالي مع مواصلة المنتجين رفع الإنتاج توقعا لصعود الأسعار في المستقبل.
وزاد عدد الحفارات النفطية بمقدار 44 حفارا في تموز (يوليو) وهي أكبر زيادة شهرية منذ نيسان (أبريل) 2014، لكن إدارة معلومات الطاقة تكهنت بهبوط أكبر قليلا في إنتاج النفط في 2017 متوقعة انخفاضا قدره 420 ألف برميل ليصل إلى 8.31 مليون برميل يوميا مقارنة بتوقعاتها الشهر الماضي التي أشارت إلى هبوط قدره 410 آلاف برميل إلى 8.2 مليون برميل يوميا.
وتركت الإدارة أيضا توقعاتها لنمو الطلب الأمريكي على النفط في 2016 بلا تغيير عند 160 ألف برميل يوميا في حين خفضت تقديراتها لنمو الطلب في 2017 إلى 100 ألف برميل يوميا من 120 ألف برميل يوميا في توقعاتها السابقة.
وتلقت الأسعار دعما من توقعات نشرتها وكالة الطاقة الدولية بأن يتحسن التوازن بين العرض والطلب قرب نهاية العام، كما وجدت الأسعار دعما في حديث تجار عن انخفاض إنتاج الصين من الخام بنسبة 8.1 في المائة في تموز (يوليو) ليصل إلى أدنى مستوى في خمس سنوات، لأن ذلك يعني أن أكبر اقتصاد في آسيا مضطر إلى استيراد مزيد من الخام.
وتوقعت وكالة الطاقة بدء التحسن في أسواق النفط خلال النصف الثاني من عام 2016، لكن عملية التحسن ستكون بطيئة وشاقة في ظل تراجع نمو الطلب العالمي وزيادة إمدادات المعروض من الدول المنتجة للنفط خارج “أوبك”.
وتوقعت الوكالة في تقريرها الشهري انخفاضا ملموسا في مخزونات النفط العالمية في الشهور القليلة المقبلة وهو ما سيساعد على تخفيف تخمة المعروض المستمرة منذ عام 2014 بسبب نمو إمدادات الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” والمنتجين المستقلين.
وتسببت تخمة المعروض في تراجع أسعار النفط من 115 دولارا للبرميل في حزيران (يونيو) عام 2014 إلى 27 دولارا للبرميل في كانون الثاني (يناير) الماضي، وتعافت أسعار الخام بعد ذلك ووصلت إلى 50 دولارا للبرميل لكنها انخفضت مجددا لتتجه صوب 40 دولارا للبرميل في تموز (يوليو).
وقالت الوكالة “إن انخفاض سعر النفط أدى إلى تصدر “التخمة” عناوين الأخبار من جديد على الرغم من أن تقييماتنا تظهر في الأساس أنه لا تخمة معروض في النصف الثاني من العام، وعلاوة على ذلك تشير تقديرات الوكالة للنفط الخام إلى تراجع كبير في المخزون في الربع الثالث من العام بعد فترة طويلة من النمو المستمر”، متوقعة أن يزيد انخفاض مخزون المنتجات النفطية المترتب على ذلك من طلب شركات التكرير على النفط الخام وسيسهم في تمهيد الطريق أمام تحسن مستدام في توازن العرض والطلب في السوق.
وتوقعت الوكالة زيادة إنتاج المصافي العالمية بواقع 2.2 مليون برميل يوميا ليصل إلى مستوى قياسي عند 80.6 مليون برميل يوميا في الربع الثالث من 2016 لكن ذلك النمو سيظل أقل من النمو المتوقع في الطلب بما سيؤدي إلى تآكل بعض مخزونات الخام التي تراكمت منذ منتصف العام الماضي.
وستستعيد السوق توازنها بوتيرة بطيئة مع وصول المخزونات في الاقتصادات المتقدمة إلى مستوى قياسي مرتفع بلغ 3.093 مليار برميل في حزيران (يونيو)، وفي الوقت ذاته من المتوقع تراجع نمو الطلب العالمي من 1.4 مليون برميل يوميا في 2016 إلى 1.2 مليون برميل يوميا في 2017.
وجرى تخفيض توقعات 2017 بواقع 0.1 مليون برميل يوميا مقارنة بالبيانات الواردة في تقرير الشهر الماضي بعد تعديل توقعات الاقتصاد العالمي من جانب صندوق النقد الدولي بعد تصويت بريطانيا في حزيران (يونيو) لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ودفع هبوط أسعار النفط المنتجين ذوي التكلفة المرتفعة مثل الولايات المتحدة إلى خفض الإنفاق وتقليص عمليات الحفر بما أدى إلى انخفاض غير متوقع في إنتاج الخام من خارج “أوبك” بواقع 0.9 مليون برميل يوميا هذا العام.
لكن الوكالة تتوقع أن يشهد العام المقبل انتعاشا في إنتاج الدول غير الأعضاء في “أوبك” بواقع 0.3 مليون برميل يوميا بعد التعديل بالرفع 0.2 مليون برميل يوميا مقارنة بتقرير الشهر الماضي، مشيرة إلى تدشين الإنتاج في حقل كاشاجان في كازاخستان باعتباره أحد العوامل.
ونتيجة لانخفاض نمو الطلب وارتفاع الإنتاج من خارج “أوبك” خفضت الوكالة توقعاتها للطلب على نفط المنظمة في 2017 بواقع 0.2 مليون برميل يوميا إلى 33.5 مليون برميل يوميا، ويقترب هذا المستوى مع حجم إنتاج “أوبك” الذي بلغ 33.39 مليون برميل يوميا في تموز (يوليو) عندما سجل إنتاج الخام من السعودية والكويت والإمارات مستويات قياسية بما دفع حجم إنتاج “أوبك” الإجمالي إلى أعلى مستوى له في ثماني سنوات.
وتتوقع “أوبك” أن يكون الطلب على النفط الخام في 2017 عند 33.01 مليون برميل يوميا في المتوسط، ما يشير إلى أن فائض المعروض قد يبلغ 100 ألف برميل يوميا إذا حافظت “أوبك” على استقرار الإنتاج، ولم تقم “أوبك” بأي تغيير ملحوظ في توقعاتها للطلب العالمي.