النفط يقفز إلى 55 دولارا ويسجل أعلى زيادة في 8 سنوات
بتأثير من نجاح منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” في الاتفاق على خطة جديدة لخفض الإنتاج، استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على حصد مكاسب سعرية جديدة وواسعة بفضل المناخ الجديد في السوق، الذي يقوم على التفاؤل والثقة بأداء المنتجين وبالتنسيق الواسع المشترك بينهم.
وتجاوز خام برنت 55 دولارا ليسجل أعلى مستوى سعري في 16 شهرا، وبلغت مكاسب أسعار النفط منذ الأربعاء الماضي – موعد الاجتماع الوزاري – 19 في المائة لتسجل أعلى زيادة في ثمانية أعوام.
وفي أجواء مدعومة بالثقة الشديدة، تتطلع السوق إلى اجتماع منتجي أوبك والمنتجين من خارجها في فيينا يوم السبت المقبل لوضع اللمسات النهائية على خطة خفض الإنتاج التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ اعتبارا من أول يناير المقبل.
وعلمت “الاقتصادية” أنه تأكدت مشاركة الكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي في الاجتماع إلى جانب عدد من الوزراء الآخرين في مقدمتهم رئيس مؤتمر “أوبك” وزير الطاقة القطري الدكتور محمد السادة وأعضاء اللجنة الثلاثية، لمراقبة تنفيذ خفض الإنتاج، وهم وزراء الكويت أنس الصالح والجزائر نورالدين بوطرفة وفنزويلا أويليخيو ديل بينو، إضافة إلى الوزير الإيراني بيجين زنجنه.
ومن المعروف أن منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” كانت قد قررت يوم الأربعاء الماضي خفض إنتاجها بمقدر 1.2 مليون برميل يوميا إلى 32.5 مليون برميل كحد أقصي للإنتاج يوميا، في أول خفض لإنتاج المنظمة منذ عام 2008.
ويتضمن الاتفاق أيضا خفضا من قبل المنتجين المستقلين بمقدار 600 ألف برميل يوميا من المتوقع أن تتحمل روسيا نصف هذه الكمية بمقدار 300 ألف برميل، على حسب تصريحات وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك.
وفى سياق متصل، أكد محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة أوبك أهمية الاجتماع الوزاري المشترك الذي يجمع دول “أوبك” مع الدول غير الأعضاء في “أوبك” يوم السبت المقبل في أمانة المنظمة في فيينا، مشيرا إلى أنه أول اجتماع من نوعه منذ عام 2002.
وقال باركيندو “إن الفترة الحالية تشهد تكثيف الجهود والمشاورات للتوصل إلى صيغ تعاون بناءة وشاملة تجمع كل المنتجين”، مشيرا إلى أن هذه الاتصالات بدأت منذ عدة شهور ماضية وبلغت ذروتها في التوصل إلى اتفاق الجزائر في 28 سبتمبر 2016 وبعد ذلك تم وضع اللمسات الأخيرة مع قرار بتوافق الآراء تم التوصل إليه الأسبوع الماضي في فيينا خلال الاجتماع الوزاري لمنظمة أوبك.
وأضاف أن “هذه القرارات التاريخية، كانت شريكة فيها بصفة أساسية دول خارج “أوبك” بهدف تحقيق الاستقرار في السوق وإعادة تسارع الاستثمارات ومن ثم زيادة إمدادات النفط العالمية وتلبية احتياجات الطلب”.
وأوضح أن سوق الهند ذات أهمية خاصة لكل المنتجين سواء في “أوبك” أو خارجها، مشيرا إلى أن الاقتصاد الهندى يتمتع حاليا بأسرع معدل نمو في العالم الذي بلغ 7.5 في المائة في عام 2016.
وقال باركيندو في كلمة له أمام مؤتمر “تقلبات أسعار النفط.. التحديات والفرص” الذي بدأ أعماله في نيودلهى الإثنين ويستمر ثلاثة أيام – “إن الهند تمثل العنصر الرئيسي في قيادة النمو السريع في الطلب على النفط”، مشيرا إلى أن معدل الطلب في الهند يفوق الصين حاليا.
وأضاف، أن “البلاد تشهد حاليا ارتفاعا في الطلب خاصة في قطاع النقل وصناعة البتروكيماويات وهو الأمر الذي أوجد حافزا كبيرا للمنتجين للنفط في العالم وبخاصة الدول الأعضاء في منظمة أوبك، حيث يعملون على زيادة الاستثمارات وضمان توفير الإمدادات لتلبية احتياجات الطلب في المستقبل في الهند”.
ونوه باركيندو بأن الهند برزت حاليا كلاعب رئيسي في سوق الطاقة العالمية نتيجة كونها مستهلكا كبيرا وربما الأكبر للنفط الخام، مشيرا إلى أنه من هذا المنطلق لا بد أن تشترك الهند أيضا مع منتجي النفط في العالم في العمل على استقرار سوق النفط بتوفير الأجواء التى تحد من تقلب أسعار النفط، مشيرا إلى أن أكبر مصفاة للنفط في العالم موجودة في الهند وهي مصفاة جامناجار التي لديها القدرة على معالجة سنوية تبلغ نحو 1.2 مليون برميل.
وأشار إلى أنه “ليس مصادفة أن أزور الهند كأول دولة عقب نجاح المؤتمر الوزاري لمنظمة أوبك الذى عقد يوم الأربعاء في 30 نوفمبر وذلك لتبادل الرؤى والمشاورات تجاه التطورات الأخيرة في سوق النفط وشرح وجهات نظر منظمة أوبك للوضع الجديد للسوق”، مشيرا إلى أن اتفاق “أوبك” التاريخي أظهر التزام المنظمة الثابت لدعم استقرار السوق وتحقيق مصلحة جميع المنتجين والمستهلكين للنفط.
من جانبه، قال ل “لاقتصادية” الفونس كاتلر أستاذ تكنولوجيا الطاقة في جامعة هامبورج الألمانية، “إن “أوبك” تعيش واحدة من أزهى فتراتها التاريخية بعدما نجحت في تجاوز الأزمات وتمكنت من أن تقطع خطوات جيدة وسريعة نحو استعادة التوازن في السوق، حيث أكدت من جديد أنها منظمة حيوية وقادرة على قيادة السوق والنهوض بالصناعة بالتعاون مع كل الأطراف”.
وتوقع أن يسهم اجتماع “أوبك” مع المنتجين من خارج “أوبك” يوم السبت المقبل في بلورة خطة خفض الإنتاج التي ستؤدي دون شك إلى نتائج إيجابية على السوق وعلى الاستثمارات وتطويرها، مشيرا إلى أن عقد الاجتماع على مستوى الوزراء سيضفي له أهمية كبيرة وسيدشن لمرحلة جديدة من التوافق والعمل المشترك الفعال بين كل المنتجين.
من ناحيته، قال ل “الاقتصادية” مايكل تورنتون المحلل في مبادرة الطاقة الأوروبية، “إن زيارة باركيندو إلى الهند كأول دولة بعدما تم التوصل إلى خطة خفض الإنتاج تعكس قناعة “أوبك” بأهمية توسيع الشراكة ليس فقط على مستوى المنتجين في “أوبك” وخارجها بل أيضا على مستوى المنتجين والمستهلكين”.
واشار إلى أن الهند بالفعل ستكون القائد الأكبر لمنظومة الطلب على النفط الخام في السنوات المقبلة وستكون سوقها موضع تنافس كل المنتجين، معتبرا إعطاء “أوبك” أهمية خاصة للسوق الهندية هو دلالة على أن “أوبك” عينها على مستقبل الصناعة، ولها استراتيجيات مستقبلية جيدة ولا تركز فقط جهودها على معالجة الأزمات الراهنة.
من جانبه، قال ل “الاقتصادية” ماركوس كروج كبير محللي شركة ايه كنترول لأبحاث النفط والغاز، “إن اجتماع فيينا المقبل سيكون ناجحا بكل المقاييس، خاصة أنه يجيء استكمالا لخطوات أصعب تم اجتيازها وهي اتفاق الجزائر ومن بعده الاجتماع الوزاري في فيينا”.
وتوقع أن الحضور الروسي في هذا الاجتماع، سيكون داعما لانضمام دول أخرى من خارج “أوبك” لخطة خفض الإنتاج.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، ارتفع مزيج برنت الخام فوق 55 دولارا للبرميل يوم الإثنين وجرى تداوله عند أعلى مستوى في 16 شهرا وسط حالة من التقاول إزاء احتمال كبح التخمة في السوق إثر اتفاق أعضاء “أوبك” التاريخي لخفض الإنتاج في الأسبوع الماضي.
ومكاسب يوم الإثنين تصل بالزيادة التي بدأت عقب التوصل إلى اتفاق يوم الأربعاء الماضي إلى 19 في المائة بالنسبة إلى خام برنت وهو الأعلى في نحو ثمانية أعوام في حين بلغت مكاسب الخام الأمريكي 16 في المائة.
وارتفع مزيج برنت الخام في التعاملات الآجلة لأعلى مستوى منذ السادس من تموز (يوليو) 2015 إلى 55.20 دولار للبرميل.
وفي أحدث تعاملات سجل خام القياس الأوروبي العالمي 55.08 دولار للبرميل مرتفعا 62 سنتا ما يوازي 1.1 في المائة بحلول الساعة 0946 بتوقيت جرينتش.
وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 54 سنتا ما يوازي 1 في المائة إلى 52.22 دولار للبرميل.
وارتفعت أسعار النفط في السوق الأوروبية أمس، في مستهل تعاملات الأسبوع، لتواصل الصعود لليوم الرابع على التوالي بعد اتفاق “أوبك” التاريخي بخفض إنتاج النفط للمرة الأولى في ثماني سنوات، وسجل الخام الأمريكي أعلى مستوى في سبعة أسابيع، وقفز خام برنت لأعلى مستوى في 17 شهرا.
وحققت أسعار النفط الأسبوع الماضي أكبر مكسب أسبوعي في عدة سنوات مع ترحيب الأسواق باتفاق “أوبك” وتأكيد المنتجين المستقلين على المشاركة في هذا الاتفاق.
وبحلول الساعة 08:45 بتوقيت جرينتش، ارتفع الخام الأمريكي إلى مستوى 52.00 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 51.52 دولار وسجل أعلى مستوى 52.08 دولار الأعلى منذ 19 تشرين الأول (أكتوبر) وأدنى مستوى 51.03 دولار.
وصعد خام برنت “تسليم فبراير” إلى مستوى 54.70 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 54.33 دولار وسجل أعلى مستوى 54.84 دولار الأعلى منذ 24 تموز (يوليو) 2015 وأدنى مستوى 53.76 دولار.
وأنهي النفط الخام الأمريكي “تسليم يناير” تعاملات الجمعة مرتفعا بنسبة 1.6 في المائة في ثالث مكسب يومي على التوالي، وحقق الخام على مدار الأسبوع الماضي ارتفاعا بنسبة 12.5 في المائة بأكبر مكسب أسبوعي منذ أواخر حزيران (يونيو) 2013.
وبالنسبة إلى عقود برنت “عقود فبراير” حققت ارتفاعا يوم الجمعة بنسبة 1 في المائة في ثالث مكسب يومي على التوالي، وحققت العقود ارتفاعا بنحو 15 في المائة بأكبر مكسب أسبوعي منذ كانون الثاني (يناير) 2009.
وحققت أسعار النفط هذه المكاسب القوية بعد اتفاق “أوبك” التاريخي بخفض إنتاج النفط وتغيير السياسة الإنتاجية إلى دعم استقرار سوق النفط وتحقيق التوازن سريعا بين العرض والطلب، بدلا من السياسة الإنتاجية السابقة التي كانت تهدف إلى الدفاع عن الحصص السوقية دون النظر إلى مستويات الأسعار.
من ناحيتها، توقعت مجموعة جولدمان ساكس وصول أسعار النفط إلى 60 دولارا للبرميل قريبا بعد دخول اتفاق “أوبك” حيز التنفيذ الفعلي، وقالت وكالة فيتش “إن اتفاق “أوبك” خطوة كبيرة باتجاه عودة التوازن إلى سوق النفط”.
وفى الولايات المتحدة، أعلنت شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية يوم الجمعة ارتفاع منصات الحفر في البلاد بمقدار ثلاث منصات، فى خامس زيادة أسبوعية على التوالي، إلى إجمالي 477 منصة وهو أعلى مستوى للمنصات منذ كانون الثاني (يناير) الماضي. من جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 50.49 دولار للبرميل يوم الجمعة مقابل 49.35 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس، “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثالث ارتفاع حاد له على التوالي، وإن السلة كسبت نحو ستة دولارات مقارنة بنفس اليوم من الأسبوع السابق الذي سجلت فيه 44.88 دولار للبرميل”.