«النقل الآمن» ينعش آمال معلمات المدارس النائية

«النقل الآمن» ينعش آمال معلمات المدارس النائية

اقتصاد سياسي\«النقل الآمن» ينعش آمال معلمات المدارس النائية

< أنعش قرار وزير التعليم أحمد العيسى آمالاً للمعلمات اللاتي يعلمن في المناطق النائية، عندما أعلن إقرار برنامج نقل المعلمات في المناطق النائية، من خلال شركة تطوير النقل، وذلك في إطار السعي إلى تخفيف معاناة المعلمات «المغتربات».وقال العيسى إن البرنامج يستهدف توفير نقل مناسب، وأكثر أمناً لنحو 6000 معلمة، بعدما فقد بعضهن تطلعاتهن في تنفيذ الوزارة قراراً اعتمده وزير التعليم الأسبق الأمير خالد الفيصل في شهر كانون الأول (ديسمبر) عام 2014، وهو يسنّ برنامجاً خاصاً لمدارس البنات في المناطق النائية والبعيدة.وكان القرار نصّ على تنظيم الدوام في مدارس البنات التي يشملها البرنامج، بأن يقتصر دوام المعلمات على ثلاثة أيام في الأسبوع فقط، وأن تستمر الدراسة في مدارس البنات خمسة أيام كالمعتاد بتناوب المعلمات، ويتم إعداد الجدول المدرسي وتكييفه ليكون العبء التدريسي للمعلمة ثلاثة أيام فقط، مع تطبيق الخطة الدراسية المخفضة للمرحلة الابتدائية، إلا أن ذلك القرار لم ينفذ، وأهمل داخل أدراج المسؤولين في «التعليم».وخير مثال للمفارقة، قصة معلم اللغة العربية في إحدى مدارس الرياض خالد محمد، الذي عاش حال الشتات زهاء ثلاثة أعوام، فزوجته وأم أبنائه تدرّس في قرية «الداهنة» الواقعة في محيط محافظة شقراء التي تبعد عن العاصمة السعودية 200 كيلومتر، وعلى رغم تقدمه وزوجته إلى برنامج «لمّ الشمل» الموضوع من وزارة التعليم لجمع المعلمين والمعلمات الأزواج في مدينة واحدة، مرات عدة، إلا أن محاولاته باءت بالفشل، جراء الاشتراطات التي يعتبرها «تعجيزية».يقول المعلم خالد: «إن برنامج (لمّ الشمل) يرفض نقل الزوج إلى مكان الزوجة أو العكس، بل يجبرهم على اختيار نقطة ثالثة يبدأون بها من الصفر للدخول في مفاضلة النقل ولمّ شملهم». وأضاف: «وبهذه الطريقة يعززون غربة المعلمات والمعلمين، بنقلهم إلى مدينة ثالثة أخرى، متجاهلين مسألة التكيف ووجود أبناء في المدارس، وعملية نقلهم».ويتابع: «أسفلت الطرقات والشوارع يحكي قصة تلك الغربة، باعتباره شاهداً على حجم الدماء المتناثرة على جنباته ووسطه، وفي مقابل هذه الغربة والترحال، يصطدم واقع المعلمات بالأنظمة الحكومية، لاسيما بنظام وزارة الخدمة المدنية، الذي ينص على تعويض ذوي المعلم أو المعلمة المتوفى أو المصاب بعجز جراء حادثة مرورية خلال ترحالهم لتعليم أبناء الوطن بمبلغ 100 ألف ريال».ويعلق على ذلك بقوله: «هنا تصرخ الأفئدة: ما الجدوى»؟ ومع هذا التعويض الذي لا يتناسب مع حجم الفقد أو الإصابة، وعلى رغم أن أسر المعلمين والمعلمات يعيشون خلال الايام المقبلة إجازتهم منتصف العام، التي «يُحسدون عليها» من منتسبي وظائف حكومية أخرى، فإن حركة النقل الخارجية ما زالت تسيطر على أذهانهم.لكن قصص مهنة غربلة التعليم أحياناً تجد نهاية سعيدة، فمعلمة الرياضيات فاطمة عبيد التي اعتادت طوال 1825 يوماً (خمسة أعوام) التنقل بين مسقط رأسها حائل وقرية الدابية (تبعد 250 كيلومتراً جنوب حائل) مسافة تبلغ 500 كيلومتر ذهاباً وإياباً، عادت إلى حضن أسرتها بعدما حققت حركة النقل حلمها.غير أن ذاكرة فاطمة ملأى بقصص الخوف التي اعتادتها وزميلاتها في رحلة السفر، ليس لطلب العلم، بل لإيصاله، وتتذكر مشاهدتها على جنبات الطريق البري المرهق والمؤرق، خصوصاً أنها وزميلاتها، يغادرن منازلهن قبل ظهور الخيط الأبيض من الفجر في بطن السماء، للوصول إلى مدرستهن قبل طابور الصباح في الساعة السابعة. وأشهر القصص، بل أغربها التي عاشتها المعلمة فاطمة عبيد، تمثلت في العثور على معلمتين في استراحة مخصصة للصلاة على جانب الطريق بين حائل و«كهفة» وقد نسيهما سائق حافلة النقل التي تقلهما، ولأنهما تركتا حقائبهما اليدوية التي تحفظ هواتفهما المحمولة في المركبة، أصبحن وحدهما في فضاء فسيح من دون وسيلة اتصال، حتى وصلت إليهما الحافلة التي تقل المعلمة فاطمة ورفيقاتها، وكأنها قارب نجاة.وفي مرة أخرى، ولا يزال الحديث لفاطمة، «تعرضنا للسرقة في الاستراحة التي نتوقف فيها لأداء صلاة الفجر».

m2pack.biz