اليابان تدعو الأوروبيين لطمأنة الأسواق العالمية
حث رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي زعيمي بريطانيا وألمانيا على العمل معا لاستعادة الثقة في الأسواق المالية العالمية بعد أن قرر البريطانيون في استفتاء الأسبوع الماضي الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ووجه الاستفتاء ضربة لم يسبق لها مثيل إلى النظام السياسي والاقتصادي في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وأثار موجة مبيعات حادة في الأسهم العالمية والجنيه الاسترليني ودفع الين الياباني- الذي ينظر إليه على أنه أداة استثمارية آمنة- إلى الصعود بشكل حاد. ومن شأن قوة الين أن تقوض جهود آبي لتنشيط اقتصاد اليابان.
وبحسب “رويترز”، فقد ذكرت الحكومة اليابانية في بيان أن آبي أجرى محادثة هاتفية مع كل من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، حيث طلب رئيس الوزراء آبي أن تعمل بريطانيا والاتحاد الأوروبي معا، وأن يرسل رسالة واضحة تزيل مخاوف الأسواق وتعزز القدرة على التنبؤ بطريقة سريعة.
وأضاف البيان الحكومي أن آبي اتفق مع كل من كاميرون وميركل على أن مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى يجب أن تتعاون بشكل وثيق لتحقيق الاستقرار في الأسواق المالية العالمية.
وتضم مجموعة السبع الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا وكندا، ويعتزم كاميرون الاستقالة من منصب رئيس الوزراء في الخريف بعد فشله في إقناع البريطانيين بالتصويت لصالح البقاء في التكتل.
من جهة أخرى، حذر كليمنس فوست رئيس معهد إيفو الاقتصادي الألماني، الاتحاد الأوروبي من شن “حملة عقابية” ضد بريطانيا كرد فعل على تصويت البريطانيين في استفتاء لصالح خروج بلادهم من التكتل.
وقال الخبير الاقتصادي في ميونيخ إن ردود الأفعال المهينة من شأنها أن تضر بأوروبا نفسها “وتسرع بانهيار الاتحاد الأوروبي، وأنا أعتبر ذلك خطأ تاريخيا، ورأى فوست أن اعتزام لندن عدم التقدم بطلب خروج إلا بعد إجراء مفاوضات حول العلاقة المستقبلية بين الجانبين، أمر مفهوم.
وأوضح أن بعض الأوروبيين يريدون إقصاء بريطانيا انطلاقا من مصالح اقتصادية أو سياسية أو بغرض ألا تتبع دولة أخرى النموذج البريطاني، وطالب الاتحاد الأوروبي بألا يعرض السوق الداخلية الأوروبية للخطر، بل عليه أن يفعل كل ما يلزم من أجل تقليل الخسائر بالنسبة لأوروبا.
وأعرب فوست عن اعتقاده بإمكانية التوصل إلى نتيجة بالتفاوض مع بريطانيا، كما حدث مع سويسرا في الحديث حول تأثير تقليص الهجرة على فرص الوصول إلى السوق الداخلية، وهذه المفاوضات يجب أن يتم إجراؤها بدون غضب، لافتا إلى أن المسلك المتشدد سيضر بألمانيا وأوروبا.
إلى ذلك، قال مصرفي رفيع يمثل مجموعة ضغط مالية أمس إن بريطانيا تحتاج إلى إرساء نموذج دولي جديد للخدمات المالية بعد قرارها بالخروج من الاتحاد الأوروبي، ودعا جون مكفارلين رئيس “ذا سيتي يو.كيه” التي تعمل على تطوير قطاع الخدمات المالية البريطاني إلى قيادة سياسة فعالة ومستقرة وإلى الوضوح فيما يتعلق بما تريده بريطانيا من محادثاتها مع الاتحاد الأوروبي بعد “الجرح الذي أصابت نفسها به”.
وقال مكفارلين وهو أيضا رئيس مجلس إدارة باركليز أمام الاجتماع السنوي لمجموعة ذا سيتي يو.كيه “لا نعلم شكل أو اتجاه ما سيأتي. ولا يوجد شيء مؤكد فيما يتعلق بما يمكننا الحصول عليه من المحادثات مع الاتحاد الأوروبي”.
ومن المستبعد أن تبدأ بريطانيا المفاوضات مع بروكسل قبل الخريف أي بعدما يتسلم رئيس وزراء جديد مهام منصبه، وقد تستغرق المحادثات أعواما للتوصل إلى اتفاق على شروط تجارية جديدة، وهناك تكهنات بأن كثيرا من المعاملات التجارية التي تجري في لندن ربما تنتقل إلى البر الأوروبي في أعقاب الخروج البريطاني.
لكن مكفارلين أكد أن السوق المالية الأوروبية تطورت في لندن وليس في باريس أو فرانكفورت ومن الصعب تكرار ذلك، ومن بين النقاط الحساسة في أي محادثات مسألة “جواز سفر الاتحاد الأوروبي” الذي تعتمد عليه بنوك تعمل من بريطانيا ومن بينها لاعبون كبار في وول ستريت مثل جيه.بي مورجان وجولدمان ساكس في تقديم خدماتها في أنحاء الاتحاد الأوروبي.
وفي مقابل استمرار بريطانيا في الاستفادة من السوق الموحدة من المرجح أن يطالبها قادة الاتحاد الأوروبي باحترام حرية مواطني الاتحاد في الذهاب إليها وهو مطلب يصعب على البريطانيين المؤيدين للخروج قبوله بعد أن بنوا حملتهم على تقليص الهجرة.