انقسام العقل – الدماغ إلى قسمين 1 من اصل 3
مع تطرقنا تدريجيًّا إلى المحتوى الخاص بهذا الكتاب سوف تلاحظون أن المصطلحين ” الدماغ ” و” العقل ” يُستخدمان بالتبادل؛ حيث إن الموظف بشركة “آي بي إم” “إي. بايرد سميث” يؤدي عرضًا كوميديًّا يطرح فيه هذا السؤال: “هل عقلك جزء من دماغك أم أن دماغك كله في عقلك؟” كما أنه في القرن التاسع عشر تلاعب العالم الإنجليزي “توماس هيويت كي” بهذه الصعوبة الدلالية بأن طرح هذا السؤال: “ما العقل؟ إنه ليس كالمادة. ما المادة؟ إنها ليست كالعقل أبدًا”.
هذه الأحجية الدلالية بحاجة لأن نوليها انتباهنا! إن التعامل مع الجدال التاريخي بين العقل والدماغ يتجاوز الغرض من هذا الكتاب فثمة معالجات مفهومة متاحة في كتابيّ “جاردنر” (١٩٨٥) و”هانت” (١٩٨٢). أما في القرن السابع عشر فقد حاول “رينيه ديكارت” أن يبرهن على الثنائية مع كون “العقل” برنامجًا حاسوبيًّا من نوع ما و”الدماغ” حاسوبًا من نوع ما؛ من الواضح أنه طور هذه الفكرة نتيجة شقاق بينه وبين السلطات الدينية التي سمحت له بالاستمرار في عمله مادام ملتزمًا بالجسد ويدع دور العبادة تهتم بالعقل والروح؛ ولاحقًا حاول السلوكيون أمثال “سكينر” البرهنة على الأحادية (لا شيء موجود سوى الخلايا) في حين يحاول الرأي الحالي البرهنة على المنهج التفاعلي الذي يصف الطريقة الوثيقة الحساسة التي يؤثر بها العقل (الأفكار والصور) والجسم (الخلايا والمواد الكيميائية والكهرباء) تأثيرًا مباشرًا وفوريًّا على بعضهما. كمثال بسيط على هذا: نحن نعرف أن المزاج المبتهج (عقلًا وروحًا) يمكن أن يزيد عدد “الخلايا المساعدة” الموجودة بالجهاز المناعي (الدماغ والجسد). في المقابل نعرف أن نقص عدد الخلايا المساعدة قد يثبط المزاج المبتهج. كما نعرف أن إعمال ذاكرتنا ومهاراتنا يحفظ الخلايا العصبية (“إما نستغلها أو نفقدها”) وأن فقدان الخلايا العصبية بمرور الوقت يعوق الذاكرة والمهارات في المقابل.