بحر الرمل
بعد الحديث عن بحور الشعر العربي بشكلٍ عامّ، سيتم في هذا المقال التفصيل ببحر الرمل، وهو بحر من البحور البسيطة، فهو يتألف من تكرار تفعيلة واحدة ست مرات في البيت الواحد، ثلاث مرات في الشطر، وهو بحر من بحور دائرة المُجْتَلَب، ويُقال: سُمِّي البحر الرمل بهذا الاسم لأنَّه يضم بعضه إلى بعض كرمل الحصير، وقيل: سُمِّي بالرمل لسرعة النطق به، ويتألف بحر الرمل من الوزن الآتي:
وزنه: فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
ضابطه: رملُ الأبحُرِ ترويه الثِّقات فاعلاتن فاعلاتن فاعلات
ويعدّ البحر الرمل من البحور التي تأتي تامة وتأتي مجزوءة، أمَّا فيما يخصّ بأعاريض البحر الرمل وضروبه، فله عروضان وستة ضروب، وهي على الشكل التالي:
عروض تامة محذوفة ولها ثلاثة ضروب، وهي:
ضرب صحيح، مثل قول الشاعر: قَادَنِيْ طَرْفِيْ وَقَلْبِيْ لِلْهَوَى كَيْفَ مِنْ قَلْبِيْ وَمِنْ طَرْفِيْ حَذَارِيْ
ضرب محذوف، مثل: لا تَقُلْ أَصْلِيْ وَفَصْلِيْ أَبَدًا إِنَّمَا أَصْلُ الْفَتَى مَا قَدْ حَصَلْ
ضرب مقصور، مثل: لا يَكُنْ وَعْدُكَ بَرْقًا خُلَّبًا سَاطِعًا يَلْمَعُ فِيْ عَرْضِ الْغَمَامْ
عروض مجزوءة صحيحة، ولها ثلاثة ضروب أيضًا، وهي:
ضرب صحيح، مثل: رُبَّ أَمْرٍ تَتَّقِيْهِ جَرَّ أَمْرًا تَرْتَجِيْهِ
ضرب مُسبَّغ، مثل: لانَ حَتَّى لَوْ مَشَى الذَّ رُّ عَلَيْهِ كَادَ يُدْمِيْهْ
ضرب محذوف، مثل: إِنَّمَا الْكَشَّافُ حُرٌ رُوْحُهُ رُوْحُ الْعَمَلْ
أمَا فيما يتعلَّق بحشو البحر الرمل، فيجوز في حشو الرمل ما يلي:
الخبن: وهو حذف الحرف الثاني الساكن، وهو كثير في الرمل، حيث تصبح فَاْعِلاتُنْ – فَعِلاتُنْ.
الْكَفّ: وهو حذف الحرف السابع الساكن، حيث تصبح فَاْعِلاتُنْ – فَاْعِلات.
الشَّكْل: حذف الحرف الثاني والسابع الساكنين، فتصبح فاعِلاتُنْ – فَعِلاتُ، وهو زحاف قبيح.
وتجري هذه الزحافات وفق قاعدة المعاقبة فإذا دخل الخَبْن تفعيلة منه، سلمت التي قبلها من الكَفّ، وإذا دخلها الكَفّ سلمت التي بعدها من الخَبْن، وإذا دخلها الشَّكْل سلمت التفعيلة التي قبلها من الكَفّ، وما بعدها من الْخَبْن، وبهذه الزحافات والعلل يأخذ البحر الرمل إيقاعًا غنائيًا رائقًا، جعلَ منه بحرًا أساسيًّا عند المغنين، فغنَّى عليه أعظم المغنين العرب. [٢]