بريطانيا أمام شبح ركود اقتصادي يمتد ل 5 أعوام
أكد اقتصاديون وماليون أن الوضع الحالي في بريطانيا فرصة سانحة للمستثمرين الخليجيين والعرب للدخول والاستثمار في بريطانيا في الأسهم والعقارات؛ لانخفاض الأسواق المالية وأسعار الصرف، مشيرين إلى أن التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لا يعني تأكيد خروجهم بشكل نهائي، لوجود شروط جزائية وإجراءات معينة قد تمتد حتى عامين.وأوضحوا ل«اليوم» أن خروج بريطانيا من الاتحاد سيؤثر على المدى القصير على اقتصاد أوروبا في المقام الأول ثم على الاقتصاد العالمي بشكل عام، وستشهد بريطانيا في حال خروجها ركوداً اقتصاديا قد يمتد لخمسة أعوام قادمة، مؤكدين أن تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد على سوق المال بالمملكة لن يتجاوز نقاطا حمراء بسيطة كردة فعل طبيعية في الأيام الأولى من التداول في الأسبوع الجاري لانخفاضات الأسواق العالمية.وقالت الأكاديمية والمتخصصة في حوكمة الشركات والمالية والتمويل أستاذ مساعد في قسم التمويل بكلية الاقتصاد والإدارة جامعة الملك عبدالعزيز الدكتورة سهى محمود علاوي: «بريطانيا لديها الرغبة في الخروج، وعمل هذا التصويت لا يعني ذلك أن بإمكانهم الخروج من الاتحاد الأوروبي بشكل نهائي، وليس بهذه السهولة كما يتصورها البعض؛ لوجود شروط جزائية وإجراءات معينة، وان حدث ذلك فلن يتم قبل عامين، حيث تبدأ بريطانيا بالتقدم للاتحاد الأوروبي للخروج أو الانسحاب من الاتحاد، وسيكون هناك ركود اقتصادي في بريطانيا لمدة خمس سنوات قادمة في حال خروجها، ومن الممكن خروج بريطانيا ولكن ليس بالكامل وفق إجراءات معينة يتفق عليها البريطانيون مع الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى أن لبريطانياً استشاريين بإمكانهم وضع خطط مناسبة لخفض التأثيرات المتوقعة على المدى القريب والبعيد، حيث ستغلق الكثير من الشركات بسبب الخسائر من هذا الخروج، خصوصا الشركات الأوروبية المستثمرة في بريطانيا والمستثمرين في الودائع والأسهم البريطانية».وأضافت «علاوي»: «يوجد تأثيرات على المدى القريب والبعيد، وعلى المدى القريب سيكون أول المتأثرين المهاجرين إلى بريطانيا من دول أوروبا، إضافة إلى الأشخاص الذين لديهم شركات في بريطانيا ويستوردون من الخارج ويعملون في السوق البريطاني سوف يتأثرون بشكل مباشر، وسيكون هناك ركود اقتصادي في بريطانيا، وسوف تتعثر التجارة لديهم وفي الأسواق الأوروبية لاختلاف المقاييس التي تتبع في الاتحاد الأوروبي وتختلف في بريطانيا، إضافة إلى أن الدول الأوروبية الأخرى ستتأثر خصوصاً من تنقل العمالة للعمل في بريطانيا وإيجاد فرص العمل؛ كون إجراءات دخولهم ستتغير وتتطلب إجراءات أخرى.وفيما يخص تأثير خروج بريطانيا على السوق السعودي قالت علاوي: المملكة لن تتأثر سوى في أسعار النفط، إضافة إلى أن أسعار النفط سوف ترتفع مرة أخرى كون النفط مرتبطا بالدولار اكثر من الجنيه الإسترليني، وعلى دول الخليج سيكون التأثير فقط على النفط والمقيمين في بريطانيا من الخليجيين الذين لديهم أملاك واستثمارات في الأسهم والودائع، مشيرة إلى أن المستثمرين الخليجيين بشكل عام لديهم فرصة للاستثمار حاليا في بريطانيا لانخفاض الأسعار وتدني سعر صرف الجنية الإسترليني الذي انخفض بنسبة 10 بالمائة ليصل سعر صرف الباوند 5.2 ريال، مبينة أن الوضع الحالي في بريطانيا فرصة للمستثمرين الراغبين في الاستثمار وشراء الأسهم والعملات وخسارة للبعض الآخر.وقال الدكتور محمد بن عبدالعزيز السهلاوي أستاذ الاقتصاد والمالية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن: خروج بريطانيا سيؤثر على المدى القصير على اقتصاد أوروبا في المقام الأول، ثم على الاقتصاد العالمي بشكل عام، وفي حال تم حساب المكاسب والخسائر من خروج بريطانيا حسب قواعد معينة على المدى البعيد سيكون متعادلا وسيفضي في النهاية إلى استقرار عالمي، وبريطانيا عضو مهم في الاتحاد الأوروبي، وله استقلالية خاصة من حيث السياسة النقدية والتجارية، كما استفادت بريطانيا من وجودها في الاتحاد الأوروبي بدخول وخروج العمالة من دول أوروبا بشكل عام ومن أوروبا الشرقية بشكل خاص.وأضاف السهلاوي: في البداية سيكون تأثير الخروج واضحا ومخلا بالاقتصاد العالمي، ومع الوقت سيختزل وتعود الأوضاع إلى حالتها المستقرة، وأعتقد انه على المدى القصير ستتأثر أسعار الصرف بالنسبة لليورو والجنيه الإسترليني، وسيكون هذا الوضع فرصة جيدة بالنسبة للمستثمرين الخليجيين في مجالات واسعة وكبيرة للاستثمار في بريطانيا بشكل اكبر عن الوضع الحالي، وهي من الإيجابيات بعد الأحداث الحالية.وبين السهلاوي: ان الأسواق المالية والعقارية سوف تتأثر على المدى القصير والمتوسط وستعود إلى وضع الاستقرار، والوضع محفز للمستثمرين في دول الخليج للاستثمار في بريطانيا بشكل اكبر وحظ أوفر من الوضع السابق.من جهته، قال أستاذ الاقتصاد والمحلل المالي الدكتور طارق كوشك: «إن خبر التصويت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي له تأثير إلى حد ما في المدى القصير على الأسواق العالمية بشكل عام، خصوصاً في أوروبا واليابان والصين، وعلى المدى طويل الأجل لن يكون هناك تأثير لا على الاتحاد الأوروبي ولا على بريطانيا؛ كون بريطانيا حتى وإن كانت عضوا مؤسسا في الاتحاد الأوروبي إلا أنها كانت تنأى بنفسها اقتصاديا عن الاتحاد الأوروبي وكانت تحافظ على الجنيه الإسترليني ولم تستخدم اليورو، إضافة إلى أن ألمانيا وفرنسا كقوتين كبيرتين في الاقتصاد ما زالتا ضمن دول الاتحاد الأوروبي، مما يعطي الاتحاد قوة».وعزا كوشك طلب التصويت للخروج من الاتحاد إلى التكاليف الباهظة التي تتكبدها بريطانيا من وجودها في الاتحاد، لا سيما في ظل الضعف الاقتصادي في كثير من دول الاتحاد الأوروبي، حيث وجدوا أن التكلفة والعائد ليس في صالح بريطانيا وهذا السبب الحقيقي خلف مطالبة بريطانيا بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي.وأشار إلى أن الاتفاقيات الأوروبية والعمل التجاري مستمر كما هو، ولا يوجد أي تغيير في هذه التعاملات؛ كون بريطانيا مستقلة وهي أقوى اقتصاديا مقارنة بدول أوروبية أخرى، وانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لا يعني أن الاتحاد الأوروبي سوف يتفكك أو ينهار، حيث يوجد في الاتحاد الأوروبي فرنسا وألمانيا وهما يمثلان قوة صناعية جبارة على مستوى العالم.وعن تأثيره على السوق السعودي قال كوشك: سيكون له تأثير على السوق السعودي كخبر فقط لا غير، حيث انه لا يوجد شركات سعودية مستثمرة في الاتحاد الأوروبي ويفترض أن لا يكون له تأثير على سوق المال السعودي؛ كون السعودي السوق ناشئا وسيشهد التداول في الأيام القادمة انخفاضا بسيطا بعد مشاهدة انخفاضات في البورصات العالمية الصينية واليابانية والأوروبية وسنشهد نقاطا حمراء كردة فعل طبيعية ولن يكون هناك انهيار كما يعتقد البعض.وتابع: التأثير سيكون على أسعار صرف اليورو والجنيه الإسترليني أمام الدولار وأمام عملات أخرى وسيعود الوضع إلى طبيعته، لاسيما ان الانسحاب هذا لا يعتبر انسحابا فعليا حتى الآن، حيث انه لا يزال هناك مفاوضات واتفاقيات للانسحاب وأمامهم عامان على الأقل لتنفيذ الانسحاب.