بعضُ لحظات مِنْ وَجَعِ الرَّاهِنِ
1 بعد الموت
ملءَ يمنايَ ويُسرايَ فراشاتٌ غَشِينَ
النارَ بي كلَّ صباح ومساءْ،
أينَ من فتنة ما أدركني
رحمةُ من أمتعني حَيّاً،
وما كنتُ اهتديتُ: النارُ شبَّتْ
في يدِي تنهضُ لا تقعدُ بي،
وأنا بين فضاءاتٍ تناءتْ، لا نجومٌ
مُسِختْ فيها صخور تَحتويني،
أو نساءٌ طِرْنَ بي نحوَ جحيمْ،
يا حروفي أي صُبْحٍ جاءني
منكنّ، في روع الذي يضحك مني
بين أحبابي،
وقد رمتُ احتماءً
من سُرىً يقطعه خطوي
إلى قَعْرِ سراديبَ بلا ضوءٍ ورائي،
تحت إبط الليل، بالطفل القديم.
2 لحظة اعتراف
عِشْتُ سَكْرَانَ بإيمانيَ لا أقْدِرُ أنْ
أُبْصِرَ من ذَاتِيَ فِي ظِلِّ انْفرَادِي
إنّ مَنْ صَافَيْتُهُ حَقَّقَ لِي
رُؤْيَةَ مَا تَحْسَبُهُ العَيْنُ أَمَامَ الْيَدِ وَهْماً،
ما أمرَّ الوهمَ، لَا حقّ أمامي
غَيْرَ ما كنتُ اعتقدتُ الصَّحْوَ فِي الغفوةِ،
غَابتْ شَمْسُهُ حِينَ دَفَنْتُ
الطِّفْلَ، لا أدْرِي مَتَى؟
كانَ انْطِفَاءُ المُمْتِعِ الشَّادِي، وَلَا
وَقْتَ لِعَوْدٍ مُشْرِقٍ
بَعْدَ حُلُولِ المَوْتِ
إذ أُحْرِقَ فِي ذَاتِي حِيَادي
3 رؤيا عبرتْ
لَا شَيْءَ الآنَ هُنا،
غيرَ رؤىً تَعبُرُ خاطفةً
مما كاَنَ يُؤثِّثُ دُنيا طِفلٍ
كانَ تَجَهَّم للْآتي، قبل وقوفِ
الحاضِرِ مَيِتاً بَيْنَ يَدَيْهِ
وكانَ
الجوعُ
إلى نورٍ يُغْري عينيهِ
وكانتْ
أصواتٌ يسمعها في نوِحٍ
جرَّحهُ عَنْ حقٍّ تُبكيهِ
تلهثُ
جائعة ًفي قيظ التيهِ
تبحثُ عَنْ حَبٍّ
فوق بيادرَ
لم تحصُدْ
أغنيةً تُحييهِ.
4 رؤيا أخرى
في صدري نبضٌ يُرغي
في مِرجَل فِطْنَهْ
لستُ أحبُّ له رؤيا عبرتْ
لَا شَيْءَ الآنَ هُنا ،
جائعة ً في قيظ التيهِ
5 فلتَزُلْ يَا…
لن يُراقَ دمٌ في غدٍ
أو بُعَيد زمانٍ طويل..
وسنرفع رؤيا الحكيمِ
الذي يرتدينا
بكُل البهاء الجليلْ
الذي يتفتَّح فينا
وأزهر ما بيننا
فأضاءَ السبيلْ
أشعَّتْ رُؤى دُرةٍ من يديهِ
على شفتيّْ
نشيدأً لأسمع:
أروع نُورٍ يَسيلْ
فقد فضح النُّورُ يَنْبُعُ منا
نوايا الذي يتشبَّثُ كالداء مُسْتَعِراً
في دواخل كل كيانٍ عليلْ…
لا يريد الرحيل:
ألا فلتزُلْ يا فساداً وَبيلْ
بِدون اشتعالِ جحيم ٍ هنا
أو سيولْ.
المغرب
بعضُ لحظات مِنْ وَجَعِ الرَّاهِنِ
أحمد بنميمون