بنيوية الذات في التحليل النفسي
20من اصل20
من هذا المنطلق، تتجمع كل التغيرات الحاصلة في البدن والناجمة عن حالة الحرمان، في شكل طلب موجه إلى الآخر بانتظار أن يجيبه بما هو مناسب لإكفاء حاجتهـ وابتداء من هذا الطلب تبدأ عملية التعامل عن طريق ترميز الموضوع الأمومي لكي يؤدي في النهاية إلى المجاز المحوري لاسم الأب. وهذا ما سنوضحه فيما بعد.
ومن آثار هذه العملية، أن بروز الرغبة عبر عملية الترميز، تضع الحد الفاصل بينها وبين الطلب والحاجة البدنية، فالطلب، كما ألحنا سابقًا، يتعدى مفهوم تلبية الحاجة، إلى متعة إضافية تؤمن الراحة والطمأنينة، فهو طلب حب واعتراف لوجود(). كونه الموضوع الوحيد لرغبة الآخر الكبير الذي يلبي حاجته. فهو طلب من دون منازع ولا يقبل المشاركة. طلب يتجلى في رغبة من رغبة الآخر، انطلاقًا من التجربة الأولى التي حققت إكفاءه دون أن يطلب أو أن ينتظر شيئًا. والشيء المميز لهذه المتعة الأولية والتي كانت مباشرة، قبل أن يسبقها أي طلب، أنها تصبح بمثابة الحالة المثالية للإكفاء الذاتي. إلا أن الطفل يصطدم في الخبرة التالية وبعد أن يفشل مبدأ اللذة عبر الهلوسة في تأمين استمرارية هذه الحالة المتكاملة، فيضطر إلى إطلاق ندائه الأول الذي هو بمثابة اعتراف تأسيسي بفقدان لوجود مثالي كان يحلم في استمراريته. ويصبح الطلب الوسيط بين ما يريد استعادته وما فقده بشكل نهائي. ويتبين له أن شيئًا ما قد سقط، وفقد، ما بين المتعة الأولى، والمتعة الثانية. فهذا الفرق هو بمثابة الموضوع الضائع، أو النقصان لوجود، ولا بد من تكرار هذه المحاولة لاستعادته. فبزوغ الرغبة ينطلق من هذا الفارق الذي سقط وأصبح بحكم المفقود حسب تعريف لاكان واستنباطه لموضوع ألف. الموضوع الذي يعود دائمًا بمزيد من المتعة.
وتنتقل العملية من حاجة جسدية إلى حقل فكري حيث يحاول الطفل استعادة ما فقده عبر الدوالي التي يمكن ان يستحصل عليها تفكيره.