بنيوية الذات في التحليل النفسي
5من اصل5
وهذه النقلة تعتمد أساسًا على العملية الأولية (Processus primaire) التي ما فتئ فرويد يكررها باستمرار على أنها العامل الأساسي في تكوين الكبت، خاصة الكبت الأولي، وبالتحديد عندما يكون أمامنا العديد من التحولات لموضوع رغبة معينة. فنجد أن منها ما هو وعي (شعوري)، ولا يخلق مشكلة، ومنها ما هو لاوعي (لاشعوري)، وهو ما يمكن افتراضه بأنه يمثل العملية الأولية، أي بمثابة سلسلة حلقات وسيطة. وما يميز ذلك هو أن ليس التمثل الأكثر استثمارًا على الصعيد اللبيدي الذي يلج الوعي (الشعور)، بل هناك نقلة كمية تجرد التمثل الواعي من أهميته، لكي تستثمر في تمثل آخر يبقى بحكم اللاوعي(·).
فمن هذا المنطلق تأتي عملية استخراج المعنى عبر التداعي، حيث يفاجأ الشخص بما يكتشفه. والمحور الأساسي يكمن في “العملية الأولية” التي تتجسد في شبكة ارتباط المعاني فيما بينها. وكما يقول صفوان (ص252) La significance استخراج المعنى لا يحدث في مكان “الحس المتخفي” ولكن في المكان حيث لم يكن عارفًا. فالعملية الأولية تمكن من تحكم اللاوعي (اللاشعور) بالوعي (بالشعور)، اللامعروف بالمعروف، من حيث إن الكلام لا يمكن مطابقته على المعرفة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار النظرية الألسنية الحديثة، فكل كلام لا بد أن يخضع لانقسام داخلي ما بين نطق ومنطوق. حيث إن التفاوت بينهما يولد معنى جديدًا يمكن أن يدخل في تركيبة لغوية جديدة، وهكذا… الخ؛ وقد أكد لاكان عندما تحدث عن حقل الكلام بأن هناك ذات النطق وذات المنطوق Sujet de l’enonce et sujet de l’enonciation.
واكتشاف اللاشعور مرتبط بالسؤال التالي: (هل تعرف الذات ماذا تفعل عندما تتكلم؟) فرويد يجيب كلا، ويزيد لاكان توضيحًا، في محاضرته الطب والتحليل النفسي “Lettres de L’ecole…n 3” (ليس هنالك من لاوعي (لاشعور) بمجرد احتمال وجود رغبة لا واعية (لا شعورية)،
(·) مثال على ذلك في لعبة الأوراق الثلاثة: يضلل اللاعب المراهن بعد تبديل الأوراق لكي يوهمه بأن الورقة الرابحة هي ما حازت على اهتمامه. ويتبين أن الرابحة هي التي لم تحظ باهتمامه.