بين الجاهلية والاسلام5من اصل9
وعمدوا إلى ماء من زمزم فجعلوه في جفنة وبعثوا به إلى البيت فغسلت به أركانه وشربوه.
وقد أبى الأمويون وبنو عبد شمس عامة على أحد منهم أن يدخل هذا الحلف، فكان أحدهم عتبة بن ربيعة يقول: “لو أن رجلًا وحده خرج من قومه لخرجت من عبد شمس حتى أدخل حلف الفضول”.
وإن طبيعتين يفصلهما هذا الفاصل من ذوات النفوس لا جرم تتنافران وإن ضمهما بلد واحد. وإنهما في البلد الواحد لأخلق بالتنافر من المتباعدين.
هذه العجالة عما كان من المنافرة بين بني هاشم وبني أمية في الجاهلية تدخل في سيرة عثمان من مداخل شتى، وقل أن يمر بنا مبحث في عمل من أعماله أو خلق من أخلاقه إلا كانت به عودة إلى تلك المنافرة.
فمنها نفهم أن فضل عثمان في إسلامه لا يدانيه فضل أحد من السابقين إلى الاسلام، إذ لم يكن منهم من أقامت أسرته بينها وبين النبي هذه الحواجز العريقة من المنافسة والملاحاة، وكلهم كان بينهم وبين الاسلام ما كان بين القديم عامة والجديد عامة، ولم تبلغ عداوتهم أن تكون من عصبية اللحم والدم او عصبية البيت كما كانت عداوة الأمويين للهاشميين، وليست هذه العداوة ف الجاهلية بالشيء الهين ولا بالعقبة المذللة. فقد رأينا رجلًا من بني عبد شمس كان يتمنى ان يشهد حلف الفضول فحماه أن يفعل ذلك خشية الخروج على قومه ببدعة لم يقبلوها ولم يشتركوا فيها، وهذا مع ما هو واضح من الفارق بين دعوة كحلف الفضول لا تنقض دينًا ولا تغير عبادة ولا تميز أحدًا من الداخلين فيها بشرف او سيادة. وبين دعوة كالدعوة المحمدية تحطم كل صنم وتبدل كل عبادة وتثبت لبيت عبد المطلب شرفًا لا يسمو إليه شرف بين الناس كافة، فضلًا عن قريش وأمة العرب بكل من تشتمل عليه.
وما تقدم من شواجر النزاع بين أمية وهاشم كاف للإبانة عن فضل عثمان في سبقه مع السابقين إلى قبول الدعوة المحمدية.