تأثير الجموع في ثبات بعض العناصر الاجتماعية
إن ما تؤدي إليه الجموع من التخريف لم يكن سوى صفحة من صفحات تأثيرها؛لأنه يوجد خلف تقلبها الظاهر روح تقليدية ثابتة يصعب تقويضها، وبفضل هذه الروح تعود الجموع إلى حالها الماضية، وما في الروح الشعبية من المحافظة يشاهد على الخصوص في الزمر الاجتماعية الآتية؛ وهي: الطبقات، والمؤتمرات، وطوائف العمال،والنقابات، والمجامع العلمية … إلخ.وفي الغالب يكون عمل هذه الزمر المتجانسة خلاف عمل الجموع المتباينة التي بحثنا عنها آنفا؛ إذ لما كانت الزمر المذكورة غير مبدعة ولا مخربة فإنها تعمل في توطيدآراء جديدة تأتي بها صفوة الناس؛ أي في إثبات بعض عناصر الحضارة المهمة، وهي:اللغات، والفنون، والأزياء، والمعتقدات، حتى النظريات العلمية.
إن عمل الفرد على جانب عظيم من الأهمية، ومع ذلك لا تزهر مبتكرات العبقرية التي هي أمر فردي إلا بعد أن تصبح جامعة، فإذا كانت مباحث الفرد هي أساس الحضارة والرقي فإن أمرهما لا يتم إلا بعد أن تستمرئها روح المجموع.