تاريخ أوروبا الحديث والمعاصر
قارة أوروبا
تُعتبر قارة أوروبا شبه جزيرة، وتشكل الجزء المُمتد من أوراسيا، وتحدّها من الشّرق سلاسل جبال الأورال والقوقاز، وبحر قزوين، وجنوباً البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط ومنطقة القوقاز، ويحدها المحيط الأطلسي من الغرب، أما شمالاً فيحدها المحيطُ المتجمد الشّمالي، ورغم موقعها المتوسط بين قارات العالم القديم إلّا أنّها أصغر القارات بعد أستراليا. من المعروف أنَّ الحضارات النّاشئة في أوروبا في كلٍّ من اليونان وإيطاليا كانت بِذرة الحضارة الغربيةِ الحديثةِ، والتي غيرت وجه العالم بسيطرة دول أوروبا الغربية بشكلٍ استعماريٍ على مُعظم دول العالم.
التاريخ الحديث
يُؤرَّخ للعصر الحديث في قارةِ أوروبا بِسقوط الإمبراطورية الرومانية الشرقية على يد العثمانيين ونشأة الدَّولة العثمانية، وكانت أوروبا في تلك المرحلة مُسيطرةً على أهمِّ الأراضي التجارية والاستراتيجية في العالم، وأما الدّولة العثمانية فقد تحكمت في شرق أوروبا وآسيا وشمال إفريقيا، بينما سيطرت إمبراطورية السّويد والاتحاد البولندي على شمال أوروبا، وفي وسطها كانت الإمبراطورية الرومانية ما زالت قائمةً، أما غرباً فقد تحكّمت كلٌ من إسبانيا والبرتغال في الأراضي المطلة على مضيق جبل طارق وبداوا حملات الاستكشافات الجغرافية الحديثة. في تلك الفترة أيضاً شهدت إيطاليا حركةً ثقافية كبرى عُرفت بِعصر النَّهضة؛ حيث استطاع العلماء الأوروبيون والفنانون استعادة التراث اليوناني القديم والعلوم العربية التي كانت مزدهرةً في تلك المرحلة، وتخلصوا من الصبغة الكهنوتية على العلوم، ومالوا إلى النّقد والتجريب، وكانت البروتستانتية أهمّ ملامح تلك الثورة الدينية في العصر الحديث، واستمرّ الصّراع بين الأنظمة القديمة والأفكار الحديثة في القارة حتى نجاح الثورة الفرنسية في بدايات القرن التاسع عشر.
التاريخ المعاصر
شهد التّاريخ الأوروبي المُعاصر اضرابات وأحداث كبرى غيَّرتْ وجه العالم، وكانت لتلك الأحداث عوامل ناشئة من الفترة الحديثة السابقة تتمثّل في سياسات توازنِ القوى التي تمَّ اعتمادها من قبل الإمبراطوريات في ذلك الوقت، وتكلَّلَت تلك السياسات بالفشل؛ فنشبت الحرب العالمية الأولى التي استمرت لأربع سنوات، وانتهت بسقوط إمبراطوريات كُبرى كالإمبراطورية الرّوسية القيصرية، والإمبراطورية العثمانية، وإلإمبراطورية النمساوية المجرية، ونشأ الاتحاد السوفييتي الذي أصبح قوةً صاعدةً في العالم آنذاك. لم يدم السّلام في أوروبا لِفترةٍ طويلة بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى التي فقدت فيها ألمانيا أجزاءً كبيرةً من أراضيها، وتغيّرَ شكل الحُكم في كلٍّ من إيطاليا وإسبانيا ليصبح الحكم ديكتاتورياً، وفي عام 1939 أعلنت ألمانيا الحرب على بولندا وضمتها إلى أراضيها، الأمر الذي أشعل الحرب العالمية الثانية، واستمرّت إلى عام 1945م، ولم تَبقَ على إثرها أيّة قوة إستراتيجية في أوروبا، باستثناء الاتحاد السوفييتي الذي شكل القطب الثاني للهيمنة العالمية مقابل الولايات المتحدة الأمريكية.